عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-16-2013, 09:12 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

تأتي مرحلة الشباب :


{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا }

[ يوسف : 22 ]


وفي هذه المرحلة سيتعلم سيدنا يوسف درساً اسمه ( الاعتماد على الله ) .

وتراوده امرأة العزيز عن نفسه، وهو في مرحلة الشباب والقوة ،

ولمّا أن هيأت للأمر أسبابه ودعته إلى ارتكاب الفاحشة ،

استعاذ سيدنا يوسف بالله مما تدعوه إليه ،


وذكّرها بفضل العزيز عليه قائلاً :


{ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }

[ يوسف : 23 ]


إشارة إلى ما أوصى به العزيز امرأته عندما اشترى يوسف عبداً

( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه ) .

ولمّا لم يردع امرأة العزيز تذكيرها بزوجها وبفضله عليه ورعايته له ،

ولما لم يكن ذلك سبباً في منعها من إنفاذ ما فكّرت بارتكابه ،

اشتدت المحنة على سيدنا يوسف


{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ }

[ يوسف : 24 ]


وعلى اختلاف الآراء في ماهية البرهان الذي رآه سيدنا يوسف

إلا أنّ { رَبِّهِ } الذي يتولى العناية به، ويتكفل برعايته ،

يقوم بحفظه في هذه المحنة ويصرف عنه السوء والفحشاء .

وتأتي كلمة { رَبِّهِ } في الآية لتذكرنا بأن الله تعالى القائم على أموره

هو الذي أنجاه من منطلق ( التربية ) من هذه المحنة ،

ذلك أن المربي لا يرضى لمربوبه الوقوع في الخطيئة .

وعلى الرغم من أن سيدنا يوسف استعاذ بالله مما تدعوه إليه امرأة العزيز ،

إلا أنه خاطبها بحجة من واقع الحال الذي تفهمه وتدركه ،

لعل ذلك يكون أدعى إلى إقناعها بالعدول عما عزمت عليه .

لكن امرأة العزيز لم تزدد ـ أمام موقفه ـ إلا إصراراً .

فعلى الرغم من اكتشاف زوجها أمر مراودتها يوسف عن نفسه ،

ها هي تخاطب النسوة اللواتي كن يلمنها على فعلتها


{ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ

فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ

وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ }

[ يوسف : 32 ]


لقد تعلم سيدنا يوسف من المحن السابقة درس ( الاعتماد على الله )

فربّه هو الذي حفظه في مرحلة الطفولة وذلك دون طلب منه

إذ كان ما يزال صغيراً ، لا يدرك أمور الحياة أو يتفهم طبائع الأحداث .

وكذلك حين راودته امرأة العزيز عن نفسه ، قام مربيه { رَبِّهِ }

بدوره في التربية وأراه البرهان ليحفظه ويصرف عنه السوء والفحشاء .

لذلك لما أدرك سيدنا يوسف أن إقناع امرأة العزيز بعدم ارتكاب الفاحشة

أمر لم يعد ممكناً التجأ إلى ربه التجاءً واضحاً مباشراً


طالباً العون منه سبحانه وتعالى :


{ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ

وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ }

[ يوسف : 33 ]


تلك كانت مرحلة الاجتباء والتربية

التي أشار إليهما الله تعالى حكاية عن سيدنا يعقوب


{ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ }

[ يوسف : 6 ]


فـ ( { يَجْتَبِيكَ } = الاختيار ) و ( { ربّك } = التربية والرعاية ) .


تأويل الرؤيا والدعوة إلى الله تعالى


مرحلة التعليم كانت في مصر كما أخبرنا الله تعالى بقوله :


{ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ

عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا

وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ }

[ يوسف : 21 ]


ولأن تأويل الرؤيا

كان المعجزة التي أيد الله بها سيدنا يوسف للدلالة على صدق نبوته ،

فقد اقترن وجودها في القصة

بدعوة يوسف عليه السلام إلى عبادة الله وتوحيده .

في السجن يبدأ سيدنا يوسف بالدعوة إلى الله ،

مستفيداً من حاجة الفتيين إلى تأويل رؤياهما وقد طلبا منه ذلك ،

وقبل أن يؤوّل لهما رؤياهما، يؤكد لهما قدرته على معرفة بعض المغيبات


{ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ

إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا }

[ يوسف : 37 ]


لكنه سرعان ما يضيف :


{ ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي }

[ يوسف : 37 ]


أي هذا بعض ما خصّني به الله

الذي اختارني وحفظني ورعاني وربّاني وأعدّني لتبليغ رسالته .

إذاً إن أول ما يظهر من دلائل العلم الذي وهبه الله لسيدنا يوسف

ما كان من أمر الرؤيا التي رآها كل من الرجلين اللذين دخلا معه السجن

وهذا ما كان بشره به سيدنا يعقوب


{ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ }

[ يوسف : 6 ]


وما ذكره الله لنا بقوله :


{ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ }

[ يوسف : 21 ]

رد مع اقتباس