فقال: أين تريدون ؟
قالوا:المدينة.
قال: ولم ؟
قالوا:نريد الميرة.
قال:فهل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة أرسلكم بها إليه،
وأحمل لكم إبلكم هذه غداً زبيباً بعكاظ إذا وافيتموها.
قالوا:نعم.
قال:فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه
وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم.
فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد،
فأخبروه بالذي قال أبو سفيان،
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
( حسبنا الله ونعم الوكيل )
وكذا قال الحسن البصري.
وقد قال البخاري:
حدثنا أحمد بن يونس، أراه قال: حدثنا أبو بكر، عن أبي حصين،
عن أبي الضحى،عن ابن عباس:
" حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار،
وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم فزادهم إيماناً "
وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل تفرد بروايته البخاري. ]ج/ص: 4/ 58[
وقد قال البخاري:
حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها:
قال تعالى :
}الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ {
قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير، وأبو بكر رضي الله عنهما،
لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد،
وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا فقال: من يذهب في إثرهم؟
فانتدب منهم سبعون رجلاً فيهم أبو بكر والزبير
هكذا رواه البخاري.وقد رواه مسلم مختصراً من وجه عن هشام.
وهكذا رواه سعيد بن منصور، وأبو بكر الحميدي جميعاً عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه ابن ماجه من طريقه عن هشام بن عروة به.
ورواه الحاكم في (مستدركه) من طريق أبي سعيد عن هشام بن عروة به.
ورواه من حديث السدي عن عروة، وقال: في كل منهما صحيح،
ولم يخرجاه. كذا قال.وهذا السياق غريب جداً
فإن المشهور عند أصحاب (المغازي)
أن الذين خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد
كل من شهد أحداً، وكانوا سبعمائة كما تقدم، قُتل منهم سبعون، وبقي الباقون.
قال ابن هشام:
بلغني عن ابن المسيب أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( إنَّ المؤمنَ لا يُلدغُ من جُحرٍ مرتينِ
اضربْ عُنقَه يا عاصمُ بنَ ثابتٍ فضرب عُنقَه )
خلاصة حكم المحدث: مع بلاغه مرسل
" ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
كان عبد الله بن أبيّ كما حدثني الزهري، له مقام يقومه كل جمعة لا ينكر،
له شرفاً في نفسه وفي قومه، وكان فيه شريفاً، إذا جلس رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس، قام
فقال: أيها الناس، هذا رسول الله بين أظهركم، أكرمكم الله وأعزكم به،
فانصروه وعزروه، واسمعوا له وأطيعوا
ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع ورجع الناس،
قام يفعل ذلك كما كان يفعله فأخذ المسلمون ثيابه من نواحيه،
وقالوا:اجلس أي عدو الله، والله لست لذلك بأهل، وقد صنعت ما صنعت،
فخرج يتخطى رقاب الناسوهو يقول:والله لكأنما قلت بجُراً،
فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجدفقالوا:ويلك مالك؟
قال:قمت أشدد أمره، فوثب إلي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني،
لكأنما قلت بجراً أن قمت أشدد أمره،
قالوا:ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال:والله ما أبغي أن يستغفر لي "
ما نزل من القرآن في قصة أحد من سورة آل عمران عند قوله:
{ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
وتكلم عليها، وقد بسطنا الكلام على ذلك في كتابنا التفسير بما فيه الكفاية
ثم شرع ابن إسحاق في ذكر شهداء أحد وتعدادهم بأسمائهم،
وأسماء آبائهم على قبائلهم، كما جرت عادته فذكر من المهاجرين أربعة:
حمزة، ومصعب بن عمير، وعبد الله بن جحش، وشماس بن عثمان
ومن الأنصار إلى تمام خمسة وستين رجلاً.
واستدرك عليه ابن هشام خمسة أخرى فصاروا سبعين على قول ابن هشام.
ثم سمى ابن إسحاق من قُتل من المشركين،
وهم: اثنان وعشرون رجلاً على قبائلهم أيضاً.
قلت: ولم يؤسر من المشركين سوى أبي عزة الجمحي،
كما ذكره الشافعي وغيره، وقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم
صبراً بين يديه أمر الزبير - ويقال عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح
البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله
في الله اخوكم مصطفى آل الحمد