" اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي ، وفي قلبه بدعة ،
أو كبر، أو هوى ، أو حب الدنيا ، أو هو مصر على ذنب ،
أو غير متحقق بالإيمان ، فهذه كلها حجب
وموانع بعضها آكد من بعض" .
قال السيوطي رحمه الله معقبا :
" وفي هذا المعنى قوله تعالى :
{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ
فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } . والمعنى : أنزع عنهم فهم القرآن ،
فعلى قدر صلاح سريرتك ، وطهارة قلبك
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالي –
{ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ }
( في الآية إشارة على أن من طهر قلبه من المعاصي كان أفهم للقرآن ،
وأن من تنجس قلبه بالمعاصي كان أبعد فهما للقرآن ؛ لأنه إذا كانت
الصحف التي في أيدي الملائكة لم يمكّن الله مسها إلا هؤلاء المطهرين،
وفي هذا المعنى أيضا يقول شيخ اﻹسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالي :
" القلب لا تدخله حقائق الإيمان إذا كان فيه
ما ينجسه من الكبر والحسد ،
{ أولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } ،
{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا
وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ }
فتطهر من أدران المعاصي ؛ واستقبل
مواسم الطاعه بأسباب المغفرة ،
أحدها : *الدعاء : فإن الدعاء مأمور به ،
{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }
الثاني :*الاستغفار :ولو عظمت الذنوب ،
وبلغت في الكثرة عنان السماء . الثالث : *التوحيد : فهو أقوى أسباب المغفرة ، فالتوحيد هو السبب
الأعظم ؛ فمن فقده ، فقد المغفرة ، ومن جاء به ، فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة .
ما قطع أعناق الصالحين مثل الخوف من عدم القبول ، فانظر إلى إبراهيم
وإسماعيل - عليهما السلام - قد شغلهم هم القبول عن عناء العمل ،
فانصرفوا يسألون الله أن يتقبل منهم ويغفر تقصيرهم ،
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } .
فاللهم ليس لنا إلا فضلك وواسع رحمتك .