والله أيها الأخوة، الله يحفظ بلادنا حينما أرى التفلت، والاختلاط،
والتسيب، والفسق، والفجور، والله أخاف أن يصيبنا ما أصاب غيرنا،
لأن الله كبير، فإذا استهان الناس بنعمة الأمن، وتوسعوا في المعاصي
والآثام، قد يفقدون هذه النعمة، أي ليس من السهل أن تمشي في الطريق
إلى البيت وأنت آمن، ليس من السهل أن ترسل ابنك ليأتيك بحاجات
في الليل وأنت آمن، ليس من السهل أن تأتي زوجتك من بيت زوجها
إلى بيتك وحدها وأنت آمن، هذه نعم لا تعد ولا تحصى،
ولا يعرف قيمتها إلا من فقد الأمن، لذلك:
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ }
من خصائص الكفر أن تترك العبادات
الله عز وجل لا يعذب أحبابه أبداً :
سيدنا معاذ بن جبل أردفه النبي وراءه
( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي :
يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟
قلت: الله ورسوله أعلم
قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً
وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا )
هذا حديث، { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ }
الله عز وجل لم يقبل دعواهم، بل رفضها:
{ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ }
لذلك استنبط الإمام الشافعي أن الله لا يعذب أحبابه أبداً،
ولو أنه قبِل دعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه لما عذبهم
الثقة بالله عز وجل أحد مظاهر الإيمان به
شيء آخر: أنا أشعر أن المؤمن أو الواحد منكم إن شاء الله
حينما يثق أن الله لن يتخلى عنه يحبه الله، عندما يكون الابن واثقاً من والده،
ولا يتخلى عنه، الأب يرتاح، أما إذا كان هناك قلق من الابن تجاه الأب
فيتألم الأب أشد تألم، أحد مظاهر الإيمان أنك واثق بالله،
أنا لي صديق استيقظت زوجته صباحاً فإذا هي تصرخ بويلها،
أمسكت ابنتها فإذا هي مشلولة، بنت كالوردة، في السنة الثانية من حياتها
مشلولة، يبدو أن أباها واثق من ربه كثيراً
قال لها:الله عز وجل لن يصيبني بهذه المصيبة،
سبحانك يا رب هناك مرض شلل مؤقت يزول بعد ساعات
يشبه الشلل تماماً، فكان مرضها من هذا النوع، وبعد ساعات شفيت،
أنا أعجبني بهذه القصة ثقته بالله، وأنت كمؤمن مستقيم، تقيم الصلوات،
تغض البصر، بيتك إسلامي، عملك إسلامي، لا تكذب، لا تأكل مالاً حراماً،
لا تعتدي على أحد، معقول أن تعامل كما يعامل إنسان عادي؟
{ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }
عدم استواء المؤمن مع الكافر عند الله تعالى
{ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ
أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ
والله لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت، شاب مستقيم،
يغض بصره عن محارم الله، يؤدي الصلاة، بار بوالديه، صادق بحديثه،
عفيف بحركته، هل تعتقد أن هذا الشاب يعامل كأي شاب:
{ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً }
[ سورة السجدة الآية: 18 ]
الله يعجب معقول؟ لا يستوون:
{ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
{ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ }
نعمة الأمن لا يعرفها إلا من فقدها
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ }
فسق، فجور، زنا، واختلاط، وخمر، وملاه ليلية، ونساء كاسيات عاريات،
{ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }
هناك بلاد كثيرة تعرفونها جميعاً، قطعة من الجنة، هذه البلاد فقدت نعمة الأمن،
ودخلت في حروب أهلية دامت سنوات طويلة،
أزهقت ما يزيد عن ثلاثمئة ألف إنسان،
أنا أتمنى إن كنتم في نعمة فحافظوا عليها، هذا البلد الطيب يتمتع بنعمة الأمن،
هذه نعمة قد لا نعرف قيمتها إلا إذا عشنا في بلد اضطرب فيه حبل الأمن،
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }
{ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }
نعمتان لا تقدران بثمن أن تكون آمناً وشبعاناً.
جزا الله تعالى كل الخير للشيخ الفاضل
والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب وتقديمه لاخوانهم المسلمين
اخوكم في الله مصطفى آل الحمد