من / إدارة بيت عطاء الخير
( ممَا جَاءَ فِي : الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَ الْعَمَلِ)
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
}فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {
فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَرَّثُوا الْعِلْمَ مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ
وَافِرٍ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ
وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ
}إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ {
وَقَالَ
} وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ {
} وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ
مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ {
وَقَالَ
} هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ {
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )
( وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ )
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَوْ وَضَعْتُمْ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ ظَنَنْتُ
أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا
عَلَيَّ لَأَنْفَذْتُهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ
وَيُقَالُ الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ
الشــــــــــــــــــروح
قوله: ( باب العلم قبل القول والعمل )
قال ابن المنير: أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل،
فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما لأنه مصحح للنية المصححة للعمل،
فنبه المصنف على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم:
" إن العلم لا ينفع إلا بالعمل " تهوين أمر العلم والتساهل في طلبه.
قوله: ( فبدأ بالعلم )
أي حيث قال: " فاعلم أنه لا إله إلا الله " ثم قال " واستغفر لذنبك".
والخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فهو متناول لأمته.
قوله: ( وأن العلماء )
بفتح أن، ويجوز كسرها، ومن هنا إلى قوله: " وافر " طرف من حديث
أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم مصححا من حديث
أبي الدرداء وحسنه حمزة الكناني، وضعفه عندهم سنده، لكن له شواهد
يتقوى بها، ولم يفصح المصنف بكونه حديثا فلهذا لا يعد في تعاليقه،
لكن إيراده له في الترجمة يشعر بأن له أصلا، وشاهده في القرآن
قوله تعالى:
}ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا {
ومناسبته للترجمة من جهة أن الوارث قائم مقام
الموروث فله حكمه فيما قام مقامه فيه.
بتشديد الراء المفتوحة، أي الأنبياء.
ويروى بتخفيفها مع الكسر أي العلماء.
ويؤيد الأول ما عند الترمذي وغيره فيه:
وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم".
أي نصيب (وافر) أي كامل.
قوله: ( ومن سلك طريقا )
هو من جملة الحديث المذكور، وقد أخرج هذه الجملة أيضا مسلم
من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
رضى الله تعالى عنهم أجمعين في حديث غير هذا
وأخرجه الترمذي وقال: حسن.
قال: ولم يقل له صحيح لأنه يقال إن الأعمش
دلس فيه فقال حدثت عن أبي صالح.
قلت: لكن في رواية مسلم عن أبي أسامة
عن الأعمش: " حدثنا أبو صالح " فانتفت تهمة تدليسه.
نكرها ونكر " علما " لتناول أنواع الطرق الموصلة
إلى تحصيل العلوم الدينية، وليندرج فيه القليل والكثير.
قوله: ( سهل الله له طريقا )
أي في الآخرة، أو في الدنيا بأن يوفقه للأعمال
الصالحة الموصلة إلى الجنة.
أي الله عز وجل، وهو معطوف على قوله:
}إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ{
أي يخاف من الله من علم قدرته وسلطانه
وهم العلماء قاله ابن عباس.
قوله: ( وما يعقلها )
قوله: ( لو كنا نسمع )
أي سمع من يعي ويفهم (أو نعقل) عقل من يميز
فالمعنى لو كنا من أهل العلم لعلمنا ما يجب علينا فعملنا به فنجونا.
قوله: ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
من يرد الله به خيرا يفقهه )
كذا في رواية الأكثر.وفي رواية المستملي: " يفهمه " بالهاء المشددة
المكسورة بعدها ميم، وقد وصله المؤلف باللفظ الأول بعد هذا ببابين
وأما اللفظ الثاني فأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب العلم
من طريق ابن عمر عن عمر مرفوعا، وإسناده حسن.
} لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا {
أي لا يفهمون، والمراد الفهم في الأحكام الشرعية.
قوله: ( وإنما العلم بالتعلم )
هو حديث مرفوع أيضا، أورده ابن أبي عاصم والطبراني من حديث
( يا أيها الناس تعلموا، إنما العلم بالتعلم
والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيرا
إسناده حسن، إلا أن فيه مبهما اعتضد بمجيئه من وجه آخر،
وروى البزار نحوه من حديث ابن مسعود موقوفا،
ورواه أبو نعيم الأصبهاني مرفوعا.
وفي الباب عن أبي الدرداء وغيره.
قوله: ( وقال أبو ذر الخ )
هذا التعليق رويناه موصولا في مسند الدارمي وغيره من طريق
الأوزاعي: حدثني أبو كثير - يعني مالك بن مرثد - عن أبيه قال:
أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى، وقد اجتمع عليه الناس
يستفتونه، فأتاه رجل فوقف عليه ثم قال: ألم تنه عن الفتيا؟
فرفع رأسه إليه فقال: أرقيب أنت علي؟ لو وضعتم.
إشارة إلى القفا، وهو يذكر ويؤنث، وأنفذ بضم الهمزة وكسر الفاء والذال
المعجمة أي أمضى، وتجيزوا بضم المثناة وكسر الجيم وبعد الياء زاي،
أي تكملوا قتلي، ونكر " كلمة " ليشمل القليل والكثير.والمراد به يبلغ
ما تحمله في كل حال ولا ينتهي عن ذلك ولو أشرف على القتل.
" لو " في كلامه لمجرد الشرط من غير أن يلاحظ الامتناع، أو المراد
أن الإنفاذ حاصل على تقدير وضع الصمصامة، وعلى تقدير عدم حصوله
أولى، فهو مثل قوله: " لو لم يخف الله لم يعصه " وفيه الحث على تعليم
العلم واحتمال المشقة فيه والصبر على الأذى طلبا للثواب.
قوله: ( وقال ابن عباس )
كذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضا
بإسناد حسن، والخطيب بإسناد آخر حسن.
وقد فسر ابن عباس: " الرباني " بأنه الحكيم الفقيه،
ووافقه ابن مسعود فيما رواه إبراهيم الحربي
في غريبه عنه بإسناد صحيح.