الأخ / عبدالعزيز - الفقير إليالله
الرفق خلق الإسلام ( 1 – 2 )
الحمد لله يعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره والصلاة والسلام
على رسول الله البر الرفيق بأمته وعلى آله وصحبه ومن اهتدى
عن أبي الدرداء رضي الله عنه
عن النبي -صلى الله عليه وسلم قال:
( من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير
ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير )
لا تكاد ساحة من ساحات الإسلام إلا وللرفق فيها النصيب الأكبر
والحظ الأوفر سواء على مستوى التشريع الفقهي أو في جانب
العلاقات الاجتماعية أو في المعاملة حتى مع الخصوم والأعداء
أو في غيرها من المواطن هذا فضلا عن أنه تعالى عرف نفسه لعباده
بأنه الرفيق الذي يحب الرفق، وكان رسوله صلى الله عليه وسلم
نبراسا في هذا الشأن ما لم تنتهك حرمة من حرمات الله.
كل هذا الارتباط الوثيق بين الإسلام والرفق جعل منه بحق دين الرحمة
والسماحة مهما تعسف المغرضون في وصمه بالعنف والإرهاب.
لين الجانب واللطف في أخذ الأمر بأحسن الوجوه وأيسرها
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }
فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة
وإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم في حاجة
إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحمل همومهم
ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف
والسماحة والود والرضاء وهكذا كان قلب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهكذا كانت حياته مع الناس.
{ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }
اللين والتواضع والرفق في صورة حسية مجسمة صورة خفض الجناح
كما يخفض الطائر جناحيه حين يهم بالهبوط وكذلك
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين طوال حياته
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً }
مصدر الهين وهو من السكينة والوقار أي:
يمشون حلماء متواضعين وقيل لا يتكبرون على الناس.
وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:
" فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق
إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية وبفوته يفوتان
يعني أن نصيب الرجل من الخير على قدر نصيبه من الرفق وحرمانه منه
على قدر حرمانه منه ولهذا قال نسطور لما بعث صاحبيه ليدعوا الملك
إلى دين عيسى وأمرهما بالرفق فخالفا وأغلظا عليه فحبسهما وآذاهما
فقال لهما نسطور: مثلكما كالمرأة التي لم تلد قط فولدت بعد ما كبرت
فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به فحملت على معدته ما لا يطيق فقتلته .
والنصوص النبوية عديدة ومتنوعة في تأكيد هذا المعنى
فقد قال صلى الله عليه وسلم:
( من يحرم الرفق يحرم الخير كله )
الرفق في الأمور كالمسك في العطور.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
( إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله )
أي لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل والدفع بالأخف
وقوله صلى الله عليه وسلم:
في أمر الدين وأمر الدنيا حتى في معاملة المرء نفسه ويتأكد ذلك
في معاشرة من لا بد للإنسان من معاشرته كزوجته وخادمه وولده فالرفق
محبوب مطلوب مرغوب وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف مثله من الشر.
الفقير إلى الله عبد العزيز