الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد اقترنت بإقامة الصلاة
في أكثر مواضعها التي ذكرت في القرآن الكريم.
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ
وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (277) }
ولئن كانت الصلاة هي العبادة الروحية التي تقام بأركان الجسد،
فإن الزكاة عبادة روحية أيضا ولكنها تؤدى من حرّ الأموال.
وقد بيّن الفقهاء شرووطها ونصابها وتوزيعها بما يكفل
كفاية الفقراء من أموال الأغنياء فيما لو قام الأغنياء بأدائها كاملة
ولئن حث الإسلام أتباعه على إقامة أركان الإسلام ومنها أداء الزكاة،
فإنما يحثهم على العمل الشريف، والسعي الحلال
الذي يجمعون منه الأموال ليتمكنوا من القيام بهذا الركن
على أفضل الوجوه وبمعنى آخر فإن الإسلام يحث أتباعه
على محاربة الفقر، والسعي نحو الغنى، ولكنه الغنى المصحوب
وقد أمر الإسلام بالصدقة فضلا عن الزكاة، وحفز الهمم للإنفاق
في وجوه البر والخير، وجعل الأسلوب في ذلك بعث كوامن النفس
لتخلص من البخل، بمخاطبة الغني أنه إنما يقرض ربه من ماله،
والله أغنى الأغنياء، وأكرم الأكرمين، فكيف سيرد له دينه، ويوفيه أجره.
{ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ
وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) }
وهدد من يبخل بهذا الأسلوب الالهي البيلغ المؤثر:
{ هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ۖ
وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) }
عن أنس بن مالك رضى الله عنه وارضاه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( مانع الزكاة يوم القيامة في النار )
وليس للإنسان من هذه الدنيا إلا أكلة أو لبسة يفنيها
ويبليها ولا يبقى له إلا ما ادّخره عند ربه.
وقد ورد في الحديث: يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك،
وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول،
واليد العليا خير من السفلى مسلم عن أبي أمامة.
1- إخراج الزكاة خالصة لوجه الله واحتساب الصدقات عند الله وحده
{ وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى(17)الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى(18)
وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى(19)إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى
2- العلم بأن الزكاة حق مفروض للفقير، والتيقن بأن المال مال الله،
أتاه الله إياه، فهو مؤتمن عليه، ومستخلف فيه، فهو عبد لله
ينفذ أوامر سيده فيما أعطاه، والله يجزيه الأجر الكبير على ذلك.
{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ (7) }
{ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ (33) }
عن أبي هريرة رضى الله عنه وارضاه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى
أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى ما سوى ذلك
3- العلم بأن إخراج الزكاة من المال طهرة للمسلم من البخل
والشح وتزكية وتنقية المال من الحرام.
{ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) }
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (103) }
4- العلم بأن إخراج الزكاة لا ينقص المال بل يزيده.
عن أبي هريرة رضى الله عنه وارضاه أن
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا
وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل )
عن عائشة رضى الله عنها وعن أبيها : أنهم ذبحوا شاة
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها
قال: بقي كلها غير كتفها )
5- حساب الزكاة بدقة حسب النسب المخصصة لكل نوع منها،
متبعا القواعد الفقهية الشرعية، ولا يصح تقدريها على وجه التقريب.
{ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (24) }
6- إخراج الزكاة عند حلول موعدها دون تسويف أو تأخير.
7- الإنفاق من أطيب ماله، وأنفسه عنده، وأحبه إليه ومن مال حلال
لا شبهة فيه ولا معصية ولا حرام.
{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (92) }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ
إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ (267) }
عن أبي هريرة رضى الله عنه وارضاه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( من تصدق ببذل تمرة من كسب طيب،ولا يقبل الله إلا الطيب
فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربّي أحدكم أحدكم
فلوّه حتى تكون مثل الجبل )
عن أنس رضى الله عنه وارضاه قال:" كان أبو طلحة رضى الله عنه
أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء
وكانت مستقبلة المسجد. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرحلها ويشرب من ماء فيها طيب "
قال أنس: فلما نزلت هذه الآية
{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (92) }
( قام أبو طلحة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله؛ إن الله تبارك وتعالى يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا
مما تحبون وإن أحب أموالي بيرحاء، وإنها صدقة أرجو برّها
وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح )
رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
وقد قال أنس رضى الله وارضاه عنه:
" طوبى لعبد أنفق من مال اكتسبه من غير معصية "
8- الحرص على صدقة السر، فهي أبعد عن الرياء
وأحصن لكرامة الفقير وصون كرامته.