وقال الحسن ذات يوم لأصحابه
إنى أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني وكان عظيم
ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه كان خارجا عن سلطان بطنه
فلا يشتهى مالا يجد ولا يكثر إذا وجد وكان خارجا عن سلطان فرجه
فلا يستخف له عقله ولا رأيه وكان خارجا عن سلطان جهله فلا يمد يدا
إلا على ثقة المنفعة ولا يخطو خطوة إلا لحسنة وكان لا يسخط ولا يتبرم
كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم
وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت كان أكثرهم دهره صامتا
فإذا قال يذر القائلين وكان لا يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء
ولا يدلى بحجة حتى يرى قاضيا يقول مالا يفعل ويفعل مالا يقول تفضلا
وتكرما كان لا يغفل عن إخوته ولا يستخص بشيء منهم كان لا يكرم أحدا
فيما يقع العذر بمثله كان إذا ابتدأه أمران لا يرى أيهما أقرب إلى
الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه.
ومن كلماته رضي الله عنه لبنيه وبنى أخيه:
تعلموا فإنكم صغار قوم اليوم وتكونوا كبارهم
غدا فمن لم يحفظ منكم فليكتب.
أدبار السجود ركعتان بعد المغرب.
وجاء في المعجم الكبير للطبراني أن عليا
رضي الله عنه سأل ابنه الحسن بن علي رضي الله
عنه عن أشياء من أمر المروءة...
قال: يا أبة السداد دفع المنكر بالمعروف.
قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة
وموافقة الإخوان وحفظ الجيران.
قال: العفاف وإصلاح المال.
قال: النظر في اليسير ومنع الحقير.
قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه.
قال: البذل من العسير واليسير.
قال: أن ترى ما أنفقته تلفا.
قال: المواساة في الشدة والرخاء.
قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.
قال: الرغبة في التقوى والزهادة
في الدنيا هي الغنيمة الباردة.
قال: كظم الغيظ وملك النفس.
قال: رضي النفس بما قسم الله تعالى لها
وإن قل وإنما الغنى غنى النفس.
قال: شره النفس في كل شيء.
قال: شدة البأس ومنازعة أعزاء الناس.
قال: العبث باللحية وكثرة البزق عند المخاطبة.
قال: كلامك فيما لا يعنيك.
قال: أن تعطي في الغرم وتعفو عن الجرم.
قال: حفظ القلب كلما استوعيته.
قال: معازتك إمامك ورفعك عليه كلامك.
قال: إتيان الجميل وترك القبيح.
قال: طول الأناة والرفق بالولاة.
قال: اتباع الدناءة ومصاحبة الغواة.
قال: تركك المسجد وطاعتك المفسد.
قال: تركك حظك وقد عرض عليك.
قال: الأحمق في ماله المتهاون في عرضه...
عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: لقد حج الحسن بن علي خمسا
و عشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه. المستدرك
روي عن عمران بن عبد الله قال رأى الحسن بن علي فيما يرى النائم
بين عينيه مكتوبا قل هو الله أحد فقصها على سعيد بن المسيب فقال:
إن صدقت رؤياك فقد حضر أجلك. قال: فسُمّ في تلك السنة
واتهام معاوية رضي الله عنه أو ابنه يزيد أو السيدة جعدة بنت الأشعث
بن قيس بالوقوع في هذه الجريمة ليس له أي دليل صحيح، وينفيه
وأما قوله: معاوية سم الحسن، فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك
ببينة شرعية أو إقرار معتبر، ولا نقل يُجزم به، وهذا مما لا يمكن العلم به
ويرى الدكتور الصلابي أن المتهم في ذلك هم السبئية أتباع عبد الله
بن سبأ الذين وجّه لهم الحسن صفعة قوية عندما تنازل لمعاوية ووضع
حدا للصراع، ثم الخوارج الذين قتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،
وهم الذين طعنوا الحسن في فخذه، وربما أرادوا بذلك الانتقام لقتلاهم
وجاء الحسين وجلس عند رأس الحسن فقال: يا أخي من صاحبك؟
قال: تريد قتله؟ قال: نعم قال: لئن كان الذي أظن لله أشد نقمة
وإن كان بريئا فما أحب أن يقتل بريء.
ولما حضر الحسن بن علي قال: أخرجوني إلى الصحن حتى أنظر
في ملكوات السماوات - يعني الآيات - فأخرجوا فراشه فرفع رأسه،
اللهم إني احتسبت نفسي عندك، فإنها أعز الأنفس علي،
اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإني لم أُصب بمثلها
غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لما اشتد بالحسن بن على الوجع جزع فدخل عليه رجل فقال له يا
أبا محمد ما هذا الجزع ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك فتقدم على
أبويك على وفاطمة وعلى جديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة
وعلى أعمامك حمزة وجعفر وعلى أخوالك القاسم الطيب ومطهر وإبراهيم
وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب قال فسرى عنه وفي رواية أن القائل
له ذلك الحسين وأن الحسن قال له يا أخي إني أدخل في أمر من أمر الله
لم أدخل في مثله وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط قال فبكى الحسين
لما احتضر رضي الله عنه قال للحسين:
أدفنوني عند أبى - يعنى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تخافوا الدماء،
فإن خفتم الدماء فلا تهريقوا فيّ دمًا، ادفنوني في مقابر المسلمين
فلما قبض تسلّح الحسين وجمع مواليه، فقال له أبو هريرة: أنشدك الله
وصية أخيك فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء، وكان مروان
بن الحكم قد عارض دفنه في جوار النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
لا يدفن هناك أبدا، فلم يزل به أبو هريرة وجابر بن عبد الله وابن عمر،
وعبد الله بن جعفر، والمسور بن مخرمة وغيرهم حتى رجع ثم دفنوه
في بقيع الغرقد بجانب أمه الزهراء البتول، وكان قد صلى عليه سعيد
بن العاص أمير المدينة يومئذ، وكانت وفاته رضي الله عنه سنة 49
من الهجرة وقيل سنة 50 عن 47 عامًا رضي الله عنه وأرضاه.
البداية والنهاية................................. ابن كثير
أسد الغابة.................................... ابن الأثير
حياة الصحابة................................. الإمام أحمد بن حنبل
أمير المؤمنين الحسن بن علي..................... د. علي محمد الصلابي
اخوكم في الله مصطفى الحمد