إلــى أذرعــات ردافـــاً وهـــم عـلـى كــل ذي دبــرiiأعـجـف
وتركنا جوابها أيضاً من سماك اليهودي قصداً.
ثم ذكر تعالى حكم الفيء، وأنه حكم بأموال بني النضير لرسول
الله صلى الله عليه وسلم وملكها له، فوضعها رسول الله
صلى الله عليه وسلم حيث أراه الله تعالى، كما ثبت
في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال:
كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون
عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة،
فكان يعزل نفقة أهل سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح
عدة في سبيل الله عز وجل.
ثم بين تعالى حكم الفيء وأنه للمهاجرين، والأنصار، والتابعين لهم
بإحسان على منوالهم وطريقتهم، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين،
وابن السبيل، كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم، وما آتاكم الرسول
فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
حدثنا عارم وعفان، قالا: حدثنا معتمر سمعت أبي يقول: حدثنا
أنس بن مالك عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل كان يجعل
له من ماله النخلات، أو كما شاء الله، حتى فتحت عليه قريظة والنضير.
قال: فجعل يرد بعد ذلك. قال: وإن أهلي أمروني أن آتي نبي الله
صلى الله عليه وسلم فأسأله الذي كان أهله أعطوه، أو بعضه،
وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم أعطاه أم أيمن، أو كما شاء الله.
قال: فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن
فجعلت الثوب في عنقي، وجعلت تقول: كلا والله الذي لا إله إلا هو
لا أعطيكهن وقد أعطانيهن، أو كما قالت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
( لك كذا وكذا ).
( لك كذا وكذا ).
( ويقول لك كذا وكذا )
حتى أعطاها، حسبت أنه قال: عشرة أمثاله، أو قال: قريباً من
عشرة أمثاله، أو كما أخرجاه بنحوه من طرق عن معتمر به.
ثم قال تعالى ذاماً للمنافقين الذين مالوا إلى بني النضير في الباطن،
كما تقدم ووعدوهم النصر فلم يكن من ذلك شيء، بل خذلوهم أحوج
ما كانوا إليهم، وغروهم من أنفسهم فقال:
{ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا
لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ }
ثم ذمهم تعالى على جبنهم، وقلة علمهم، وخفة عقلهم النافع، ثم ضرب
لهم مثلاً قبيحاً شنيعاً بالشيطان حين قال للإنسان اكفر، فلما كفر
قال إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين، فكان عاقبتهما
أنهما في النار خالدين فيها، وذلك جزاء الظالمين.
البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله
في الله اخوكم مصطفى الحمد