درس اليوم 02.02.1435
الأخ / عثمان أحمد - موقع الشيبة الصديق درس اليوم
ما أحوج الإنسان في زمن طغت فيه المادة , وتعلق الناس فيه بالأسباب
إلا من رحم الله , إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة بالله , والاعتماد عليه
في قضاء الحوائج , وتفريج الكروب , فقد يتعلق العبد بالأسباب , ويركن
إليها , وينسى مسبب الأسباب الذي بيده مقاليد الأمور , وخزائن
السماوات والأرض , ولذلك نجد أن الله عز وجل يبين في كثير
من المواضع في كتابه هذه القضية ,
كما في قوله تعالى :
{ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا }
(الفتح 28)
وقوله :
{ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا }
(الأحزاب 3)
وقوله :
{ أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }
(الزمر 36)
كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس , وعدم نسيانه في زحمة
الحياة , وفي السنة قص النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجلين
من الأمم السابقة , ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى .
والقصة رواها البخاري في صحيحه
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل , سأل بعض بني إسرائيل
أن يُسْلِفَه ألف دينار , فقال : ائتني بالشهداء أُشْهِدُهُم , فقال :
كفى بالله شهيدا , قال : فأتني بالكفيل , قال : كفى بالله كفيلا ,
قال : صدقت , فدفعها إليه إلى أجل مسمى , فخرج في البحر
فقضى حاجته , ثم التمس مركبا يركبها يقْدَمُ عليه للأجل الذي
أجله , فلم يجد مركبا , فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار
وصحيفةً منه إلى صاحبه , ثم زجَّجَ موضعها , ثم أتى بها إلى
البحر , فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت تسَلَّفْتُ فلانا ألف دينار
فسألني كفيلا , فقلت : كفى بالله كفيلا , فرضي بك , وسألني
شهيدا , فقلت : كفى بالله شهيدا , فرضي بك , وأَني جَهَدتُ أن
أجد مركبا أبعث إليه الذي له , فلم أقدِر , وإني أستودِعُكَها
فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه, ثم انصرف , وهو في ذلك
يلتمس مركبا يخرج إلى بلده , فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر
لعل مركبا قد جاء بماله , فإذا بالخشبة التي فيها المال , فأخذها
لأهله حطبا, فلما نشرها , وجد المال والصحيفة , ثم قَدِم الذي كان
أسلفه , فأتى بالألف دينار , فقال : والله ما زلت جاهدا في طلب
مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه , قال :
هل كنت بعثت إلي بشيء , قال : أخبرك أني لم أجد مركبا قبل
الذي جئت فيه , قال : فإن الله قد أدى عنك
الذي بعثت في الخشبة , فانْصَرِفْ بالألف الدينار راشدا )
هذه قصة رجلين صالحين من بني إسرائيل , كانا يسكنان بلدا واحدا
على ساحل البحر , فأراد أحدهما أن يسافر للتجارة , واحتاج إلى مبلغ
من المال , فسأل الآخر أن يقرضه ألف دينار , على أن يسددها له في
موعد محدد , فطلب منه الرجل إحضار شهود على هذا الدين , فقال له :
كفى بالله شهيدا , فرضي بشهادة الله , ثم طلب منه إحضار كفيل يضمن
له ماله في حال عجزه عن السداد , فقال له : كفى بالله كفيلا , فرضي
بكفالة الله, مما يدل على إيمان صاحب الدَّين , وثقته بالله عز وجل ,
ثم سافر المدين لحاجته , ولما اقترب موعد السداد , أراد أن يرجع إلى
بلده , ليقضي الدين في الموعد المحدد , ولكنه لم يجد سفينة تحمله إلى
بلده , فتذكر وعده الذي وعده , وشهادةَ الله وكفالتَه لهذا الدين , ففكر
في طريقة يوصل بها المال في موعده , فما كان منه إلا أن أخذ خشبة
ثم حفرها , وحشى فيها الألف الدينار, وأرفق معها رسالة يبين فيها
ما حصل له , ثم سوى موضع الحفرة , وأحكم إغلاقها , ورمى بها في
عرض البحر , وهو واثق بالله , متوكل عليه , مطمئن أنه استودعها
من لا تضيع عنده الودائع , ثم انصرف يبحث عن سفينة يرجع بها إلى
بلده , وأما صاحب الدين , فقد خرج إلى شاطئ البحر في الموعد المحدد
, ينتظر سفينة يقدُم فيها الرجل أو رسولا عنه يوصل إليه ماله , فلم يجد
أحدًا , ووجد خشبة قذفت بها الأمواج إلى الشاطئ ,
فأخذها لينتفع بها أهله في الحطب , ولما قطعها بالمنشار وجد المال الذي أرسله
المدين له والرسالة المرفقة , ولما تيسرت للمدين العودة إلى بلده ,جاء بسرعة
إلى صاحب الدين , ومعه ألف دينار أخرى , خوفا منه أن تكون الألف الأولى
لم تصل إليه , فبدأ يبين عذره وأسباب تأخره عن الموعد , فأخبره الدائن
بأن الله عز وجل الذي جعله الرجل شاهده وكفيله , قد أدى عنه دينه
في موعده المحدد .
إن هذه القصة تدل على عظيم لطف الله وحفظه , وكفايته لعبده إذا توكل
عليه وفوض الأمر إليه , وأثر التوكل على الله في قضاء الحاجات , فالذي
يجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه على الدوام , وفي جميع الأحوال
والله عز وجل عند ظن العبد به , فإن ظن به الخير كان الله له بكل خير
أسرع , وإن ظن به غير ذلك فقد ظن بربه ظن السوء
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
المصدر : موقع " الدُرر السُنيَة الصديق .
و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ
صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )
( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )
( و الله الموفق )
=======================
و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم
و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية
" إن شـاء الله "
|