فالله تعالى يقول:
{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ }
[الأعراف: 32]
ولقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع
والجار الصالح، والمركب الهنيء )
[الحاكم]
وعلى الإنسان أن يحسن استغلال هذا النعيم؛ لأنه سيُسأل
عنه يوم القيامة
قال تعالى:
{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }
[التكاثر: 8].
والأسرة المسلمة شأنها شأن غيرها من البشر، تميل إلى أن يكون بيتها
من خير البيوت سعة وجمالاً، ومملوءًا بالنعم والخيرات
قال تعالى:
{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ
مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ
ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }
[آل عمران: 14]
الاسرة المسلمة
والأسرة المسلمة تعلم أن السعادة الحقيقية في أن تجعل من بيتها
صغر أو كبر- جنة عامرة بالإيمان، هانئة بالقناعة، ترفرف عليها
الطمأنينة والسكينة، ويتنسَّم أفرادها الأدب الرفيع والسلوك القويم
وهي في كل أحوالها تدرك أن ما هي فيه نعمة من نعم الله التي تستوجب الشكر
فشكر النعمة ينميها ويزكيها ويزيدها
قال تعالى:
{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }
[إبراهيم: 7]
والأسرة المسلمة لا تتخذ من نعم الله عليها مجالا للكبر
والتعالي على الآخرين، بل تُظْهر فضل الله عليها ونعمه
استجابة لقوله تعالى:
{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }
[الضحى: 11]
وعملاً بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده )
[الترمذي والحاكم].
وعلى الأسرة المسلمة ألا تنشغل بنعيم الدنيا عن طاعة الله، وألا يكون
بيتها في الدنيا هو همها الأكبر، الذي يحول بينها وبين العمل لبيتها
في الجنة -إن شاء الله-
وفي ذلك يقول الشاعر :
لا دارَ للمرء بعد الموت يسكنها.
إلا التي كـان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخـير طاب مسكنه
وإن بنـاها بشر خـــاب بانيهــا
ولقد مر الإمام علي بن أبى طالب -رضي الله عنه وارضاه
على رجل يبني بيتًا
[ فقال له: قد كنت ميتًا فصرت حيـًّا وعن قليل تصير ميـــتا
تبني لدار الفناء بيتــــًا فابنِ لدار البقاء بـــيتا
فهنيئًا للأسرة المسلمة إذا جعلت الدنيا في يدها لا في قلبها
وهنيئًا لها إذا وظَّفت كل ما حولها توظيفًا صحيحًا
وجعلته مُعينًا لها على طاعة الله -عز وجل- فهي تعمل
بالحكمة القائلة: عمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك
كأنك تموت غدًا ]
[ابن المبارك]
بيت المسلم
والحديث عن البيت المسلم ومكوناته وأثاثه، وغير ذلك، لا يعنى
بالضرورة- أن تجتمع هذه الصفات في كل بيت مسلم، ولكنها صورة مُثْلَى
نسأل الله -سبحانه- أن يحققها لكل مسلم على ظهر هذه الأرض
وجوهر الأمر ليس في جدران البيت وأثاثه بقدر ما هو فيمن يسكنون
هذا البيت، وعلى هذا، فكل فرد من أفراد الأسرة يستطيع أن يحقق
السعادة والهناء لأهل بيته بأقل شيء عنده، والمؤمن كيِّس فَطِنٌ
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،
والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني ).
[أحمد والترمذي وابن ماجه]