الأبنة / أسـمـاء الـمـرسـي
خلق الله الإنسان وكرمه، وسخر له الحيوانات لتخدمه في قضاء حوائجه؛
فيستفيد من لحومها وألبانها، ويرتدي الملابس من صوفها وجلودها،
ويتخذ من بعضها زينة وطيبًا.
{ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ .
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ .
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ .وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً
وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
ومن الآداب التي يلتزم بها المسلم
وذلك بحسن استخدامها والاستفادة منها، وأداء حق الله فيها
المسلم يوفر للحيوانات الطعام والشراب والمكان المناسب، وقد كانت العرب
تهتم بالخيول، وتحرص على تربيتها، وانتقاء سلالاتها الجيدة،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح وجه فرسه بردائه.
ورأى الصحابي الجليل أبو قتادة قطة تبحث عن ماء لتشرب،
فأمال لها الإناء حتى شربت وانصرفت.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت النار؛
لأنها حبست قطة ومنعتها من الطعام والشراب،
( دخلت امرأة النار في هِرَّة ربطتها، فلم تطعمها،
ولم تدْعها تأكل من خشاش (حشرات) الأرض )
( ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا؛
فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة )
المسلم لا يشق على الحيوان بتحميله ما لا يطيق، فقد دخل النبي صلى
الله عليه وسلم بستانًا لرجل من الأنصار، فوجد جملا، فلما رأى الجملُ
النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ، وانهمرت الدموع من عينيه،
فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجمل، ومسح خلف أذنيه فسكت،
ثم سأل عن صاحبه، فجاء فتى من الأنصار، فقال: أنا صاحبه يا رسول الله.
( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها
؛ فإنه شكا إلى أنك تُجيعه وتُدئبه (تتعبه وترهقه )
( إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق، ويرضى به، ويعين عليه
ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم (التي لا تتكلم)
(أريحوها في المواضع التي اعتدتم الاستراحة فيها أثناء السفر)
عدم تعذيب الحيوانات أو إيذائها:
حث الإسلام على الرحمة والشفقة، لذلك فإن المسلم لا يعذب حيوانًا
أو طائرًا، خاصة إذا كان هذا التعذيب بالنار،
فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم قرية نمل حرقها الصحابة،
( من حَرَّق هذه؟ ) فقالوا: نحن. قال:
(إنه لا ينبغي أن يعذِّب بالنارإلا رب النار)
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على حمار قد وُسم في وجهه
وخرجت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-
في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركبت بعيرًا،
فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم:
المسلم لا يجعل من الطيور أو الحيوانات هدفًا للرمي،
ورأى أنس غلمانًا ربطوا دجاجة، وأخذوا يرمونها بنبالهم،
( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُصَبَّر البهائم (أي تُتخذ هدفًا ).
عدم التفريق بين الطيور الصغـيرة وأمهاتها:
كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر مع الصحابة، ووجد الصحابة
حُمَّرة (طائرًا كالعصفور) ومعها فرخان صغيران، فأخذوا فرخيها،
فجاءت الحُمرة إلى مكان الصحابة وأخذت ترفرف بجناحيها بشدة،
وكأنها تشتكي إليه.. ففهم النبي صلى الله عليه وسلم ما تقصد إليه الحمرة،
فقال صلى الله عليه وسلم :
( من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها )
المسلم لا يذبح الحيوانات ولا يصطادها إلا بسبب شرعي؛ وعليه حينئذ
أن يلتزم تجاه هذه الحيوانات الرفق والإحسان.
( إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة،
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته ولْيُرِح ذبيحته)
( من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة )
المسلم لا يؤذي الحيوان بقطع آذانه أو عضو من أعضائه وهو حي،
فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( من مَثَّل بحيوان فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )
قد يؤدي سوء تعامل الإنسان مع بعض الأنواع من الحيوانات إلى الإخلال
بالتوازن البيئي، فمثلا: في بعض المناطق لجأ الإنسان إلى قتل القطط،
فازداد عدد الفئران، وأصبحت تمثل خطرًا على المحاصيل،
مما كلف الإنسان أموالا طائلة، لصنع سموم ومبيدات للتخلص من الفئران.
المسلم يحرص على مداواة الحيوان الذي يملكه، ويتعامل معه برفق