بعد خروج الطفل من محضنه الدافئ الذي اعتاد عليه فترة طويلة يحتاج
إلي التغذية الجسمية والنفسية ليعوض ما اعتاده وهو في بطن أمه، لذلك
يكون من الطبيعي أن تبدأ الأم بعد الوضع مباشرة ممارسة عملية التغذية
ولبن الأم هو أمثل غذاء للطفل، فهو معد إعدادًا ربانيّا، حيث إنه
ليس غذاءً جسديَّا فحسب، وإنما غذاء نفسي أيضًا، يتمثل في الشفقة
عليه والرفق به، لذلك حث الإسلام علي إرضاع الطفل حولين كاملين
حتى يكون بمأمن من الأمراض الجسمية والتوتر النفسي الذي يتعرض
له الطفل الذي يتغذي بجرعات من الحليب الصناعي
{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ
وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
وعملية الرضاعة تفجر في الأم منابع العطف والحنان الذي ينعكس
علي الرضيع بالسعادة والأمان، فعندما يمص الرضيع حلمة ثدي الأم
يتولد في كيانها انعكاسات عصبية تنتج عنها في النهاية إفرازات هرمونية
تعمل علي توتر الثديين وامتلائهما باللبن الذي ينبض عبر الحلمتين.
ويتأثر الطفل بحالة أمه النفسية أثناء عملية الرضاعة، ومن هنا وجب
عليها أن تكون في حالة نفسية هادئة بعيدة عن التوتر والقلق، فكلما كان
اتجاه الأم نحو عملية الرضاعة اتجاهًا إيجابيًا مليئًا بالدفء والهدوء
انعكس ذلك علي حالة وليدها، والشعور بالأمن والدفء والحنان من خلال
ثدي أمه يزيد من عاطفته نحوها في المستقبل، بحيث يكون أكثر عطفًا
فوائد الرضاعة الطبيعية للأم نفسها
أنها تساعد علي عودة قناة الولادة (الرحم والمهبل) تدريجيًا إلي الحجم
الطبيعي قبل الحمل، وتقلل كذلك من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي.
والرضاعة من الثدي حق للطفل أقره الله عز وجل، إذ إن هذا اللبن رزق
الوليد، وحرمانه منه دون سبب شرعي أو عذر قهري
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين ينعمون بالرضاعة الطبيعية
تقل بينهم نسبة الإصابة بأمراض الإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي
والأمراض المعدية وأمراض الحساسية؛ وأمراض سوء التغذية.
ولبن الأم يخلو من الجراثيم المرضية ولا يتعرض لها؛ لأنه ينساب
من الثدي إلي داخل الفم مباشرة دون أن يتعرض للمحيط الخارجي
مما يعطي الطفل المناعة ضد الكثير من الأمراض، كما أنه يمده بالمواد
الغذائية اللازمة بالنسب المطلوبة.
والأطفال الذين يتغذون علي لبن الأم يكونون أكثر ذكاءً من الأطفال الذين
يتغذون علي الرضاعة الصناعية.
والطفل الذي يرضع من ثدي أمه يتمتع بصحة نفسية وجسدية أفضل
يمكن للأم إرضاع طفلها بعد مضي ثلاث ساعات من الولادة تقريبًا
فبعد الوضع تفرز من ثديها سائلا يميل إلي الصفرة اسمه (اللباء)
وهو الغذاء الوحيد للطفل، ويجب تناوله، ولا يفرَز اللبن الحقيقي
قبل اليوم الثالث أو الرابع.
وبداية الرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرة تساعد علي زيادة
إدرار اللبن، وإذا كانت حالة الأم لا تسمح لها بالجلوس، فيمكنها القيام
بعملية الرضاعة وهي في وضعها المريح.
وتستطيع الأم إدرار كمية كبيرة كافية من اللبن إذا كان الطفل في الوضع
المناسب للرضاعة، أما إذا كان الوضع غير مناسب للطفل أثناء
عملية الرضاعة، فإنه يكون سببًا لكثير من المشاكل.
ومن العلامات التي تطمئن الأم إلي أنَّ وضع الطفل
- أن يلتفت الطفل بكل جسمه ناحية الأم.
- أن يستطيع الطفل القيام بمصات طويلة وعميقة من ثدي الأم.
- أن يكون الطفل سعيدًا ومستريحًا وغير عصبي.
هناك عدة أوضاع لإرضاع الطفل، وكلها تتطلب أن تكون الأم ووليدها
في حالة مريحة؛ حتى تتم الرضاعة بنجاح.