الله -تعالي- يتفضل بنعمه علي من يشاء، فيهب لمن يشاء الذكور
ويهب لمن يشاء الإناث، ويجعل من يشاء عقيمًا ؛ وذلك لحكمة
ولا شك أن نوع الوليد، ذكرًا كان أم أنثي رهن مشيئة الله -عز وجل- مصداقًا
{ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء
يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ *
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }
فالله تعالي هو المعطي الوهاب، وعلي المؤمن الحق أن يكون -دائمًا-
راضيًا بقضاء الله وقدره، قانعًا به
لأن الله تعالي يختار للإنسان ما فيه الخير
{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }
وقد عنَّف الله -جل شأنه- هؤلاء الذين لا يرضون بقضائه
{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ
يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ
أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ }
ومن طرائف ما يروي في ذلك أن أميرًا من العرب يطلق عليه
أبو حمزة تزوج امرأة، وطمع أن تلد له غلامًا، فولدت له بنتًا
فهجر منزلها، وأقام ببيت غير بيتها، ثم مرَّ علي بيتها بعد عام
فسمعها تداعب ابنتها بأبيات من الشعر تقول فيها:
ما لأبي حمــزة لا يأتينـا يظل في البيت الذي يلينا
غضــبان أن لانلد له البنيـنا تالـله ما ذاك في أيدينـا
وإنمـا نأخذ مـا أُعطِينـــا
فعاد الرجل إلي بيته، بعد أن أعطته زوجته درسًا في الإيمان والرضا
وثبات اليقين، فقبَّل رأس امرأته وابنته، ورضي بعطاء الله وقدره .
ويقول أحمد شوقي مبينًا فضل البنات:
إن البنات ذخائرٌ من رحمةٍ وكنوز حبٍ صـــادق ووفاء
وقد أثبت الطب الحديث أن الزوجة ليس لها دخل في تحديد نوع الوليد
فمن المعروف أن جميع البويضات التي تفرزها المرأة تحتوي
علي نوع واحد من الكروموزمات، التي يرمز لها بالرمز [X]، بينما
الحيوانات المنوية لدي الرجل لها نوعان من الكروموزمات، أحدهما
يحمل المُذكَّرة وُيرمَز له بالرمز [Y]، والنوع الآخر يحمل المُؤَّنثة
ويرمز له بالرمز [X]، فإذا تم التلقيح بين حيوان منوي يحمل الجينات
المذكرة [Y] مع بويضة المرأة [X] كان الجنين ذكرًا ويرمز له بالرمز
[XY]، وإذا كان التلقيح بين حيوان منوي يحمل الجينات المؤنثة
[X] مع بويضة المرأة [X] كان الجنين أنثي، ويرمز له بالرمز [XX].
من هنا يتضح أن الذي يحدد نوع الجنين هو الحيوان المنوي للذكر
فلقد جعله الله سببًا لتحديد نوع الجنين بما أودعه الله إياه من قدرة
علي إنجاب الإناث فقط، أو الذكور فقط، أوهما معا، ولا يعني هذا أن
للرجل أدني تدخل، بل الأمر بدءًا ونهاية لله وحده
وقد أشار القرآن الكريم إلي هذه الحقيقة عندما
{ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى }
لهذا كله لابد من أن نأخذ في اعتبارنا شعور الأم تجاه المولود الجديد.
خاصة فيما يتعلق بنوعه، حيث إن لموقف الوسط الاجتماعي تجاه
البنت أو الصبي أثرًا مهمًا لا يمكن إنكاره علي نفسية الأم، ففي بعض
الأحيان تعم البهجة والفرحة عند الإعلان عن ولادة صبي، بينما
يحصل العكس بالنسبة لولادة بنت، فهذا التقليد بالإضافة إلي أنه يعبر
عن عدم الرضا بقضاء الله، فهو أيضًا يؤثر تأثيرًا سلبيًا في معنويات
المرأة وفي استعادتها لنشاطها وحيويتها بعد الولادة
وكذلك في قدرتها علي التعامل مع الطفل