الأخت / بنت الحرمين الشريفين
كل الحواس تنام ماعدا الأذن
{ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا }
كل الحواس تنام ماعدا الأذن , فأنت إذا قربت يدك من شخص نائم
لا يستيقظ وإذا ملأت الغرفة عطرا أو حتى غازا ساما فانه يستنشقه
و يموت دون أن يستيقظ , ولكن إذا أحدثت صوتا عاليا فانه يقوم من النوم
والأذن هي أول حاسة تعمل منذ الولادة
وهى أداه الاستدعاء عند البعث وفي سوره الكهف يخبرنا جل جلاله بان
سبب نوم الفتيه هذه السنين الطويلة هو انه تعالى ضرب على آذانه
مفأصبح النهار كالليل بلا ضجيج وقد فضل الله تعالى السمع على البصر
و قدمه في الترتيب في عده آيات
{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }
وبالفعل فكم سمعنا عن أدباء و فلاسفة ضريرين مثل الشاعر أبو العلاء المعري
والأديب طه حسين و غيرهم كثيرون ولكن العلماء و الأدباء الصم أقل
بكثير من العلماء الضريرين والأذن هى الحاسة الوحيدة التي لا تستطيع
ان تعطلها بارادتك فأنت تستطيع أن تغمض عينك او تشيح بوجهك بعيدا
وتستطيع ان لا تأكل .... فلا تتذوق
و ان تغلق انفك عن رائحه معينه
او لا تلمس شيئا معينا لا ترغب بلمسه
و لكن الاذن لا تستطيع اعطالها
{ فَإِنّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَىَ وَلاَ تُسْمِعُ الصّمّ الدّعَآءَ إِذَا وَلّوْاْ مُدْبِرِينَ }
هنا شبه الله الذين لا ينصاعون لا مره بالموتى والصم
{ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
قال الله تعالى في سورة النحل آية 78:
{ وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا
وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
تفسير علمــــــــــاء الدين:
وسائل للعلم والإدراك لتؤمنوا به عن طريق العلم وتشكروه
يؤكد لنا العلم بدلائله الكثيرة أن حاسة السمع تسبق حاسة البصر في أداء
وظيفتها، ولم يكن أحد يعلم ذلك وقت نزول القرآن، وقد ورد تقديم السمع
على البصر في أكثر من سبعة عشر موضعا منها قوله تعالى:
{ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً }
{ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ }
{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }
ويقرر العلم أن حاسة السمع تبدأ مبكرة في أداء عملها في الأسابيع
القليلة الأولى بعد ولادة الطفل، أما البصر فيبدأ عمله في الشهر الثالث
ولا يتم تركيز الأبصار إلا بعد الشهر السادس، ودليل ذلك أن أذن الطفل
تؤدى وظيفتها عقب ولادته لانه إذا سمع صوتا شعر به وأحسه فورا
وصدر عنه ما يدل على التأثر به، أما عين الطفل فإنها لا تؤدى وظيفتها
إلا بعد فترة من ولادته، ودليل ذلك أنك إذا مددت يدك قريبا منها لا ترمش
--

ومن روعة الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة
أن الله سبحانه يذكر الفؤاد بعد السمع و البصر لمعنى علمي دقيق أيضا
وهو أن اكتساب العلم يحصل بعد الانتقال من مرحلة الإدراك الحسي
بالسمع والبصر إلى مرحلة الإدراك العقلي، وهذه هي طريقة تعلم
المعارف والخبرات وكلها تجيء بحسب الترتيب الذي ذكره القرآن وهو
الإدراك الحسي أولا ثم الإدراك العقلي،ودليل ذلك وأضح في أن الطفل يولد
لا يعلم شيئا ثم تتوالى عليه المدركات الحسية وتتكاثر عن طريق السمع
ثم البصر فإذا ما صارت مجموعة المدركات الحسية كافية يأتي دور الفؤاد
ليعقل ويعي ما أدركه الطفل منها بحواسه.
وهناك حقيقة أخرى في تقديم السمع على البصر
وهو أن القرآن يذكر السمع مفردا ويذكر الإبصار بصيغة الجمع وفى ذلك
سر من أسرار الإعجاز أيضا لان استقبال الأذن للمسموع لا خيار للإنسان
فيه حيث لا حجاب يحجب وصول الصوت إلى طبلة الأذن، أما العين
فللانسان الخيار في أن يرى أو لا يرى ولها جفون تساعد على ذلك
{ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَمِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ
فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ }
لأنه مصدر فهو دال على النوع الموجود في جميع حواس الناس.