حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
رضى الله تعالى عنهم أجمعين
عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ رضى الله تعالى عنهما
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
( إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ
وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ )
قوله: ( حدثنا محمد بن يوسف )
هو الفريابي، وقد صرح ابن خزيمة في روايته بسماع يحيى له من
عبد الله بن أبي قتادة، وصرح ابن المنذر في الأوسط بالتحديث في جميع
الإسناد، أورده من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي فحصل الأمن
كذا لأبي ذر بنون التأكيد ولغيره بدونها، وهو مطابق لقوله في الترجمة
" لا يمسك " وكذا في مسلم التعبير بالمسك من رواية همام عن يحيى،
ووقع في رواية الإسماعيلي " لا يمس " فاعترض على ترجمة البخاري
بأن المس أعم من المسك، يعني فكيف يستبدل بالأعم على الأخص؟
ولا إيراد على البخاري من هذه الحيثية لما بيناه.
واستنبط منه بعضهم منع الاستنجاء باليد التي فيها الخاتم المنقوش فيه
اسم الله تعالى لكون النهي عن ذلك لتشريف اليمين فيكون ذلك من باب
الأولى، وما وقع في العتبية عن مالك من عدم الكراهة قد أنكره حذاق
أصحابه، وقيل: الحكمة في النهي لكون اليمين معدة للأكل بها فلو
تعاطى ذلك بها لأمكن أن يتذكره عند الأكل فيتأذى بذلك.
قوله: ( ولا يتنفس في الإناء )
جملة خبرية مستقلة إن كانت لا نافية، وإن كانت ناهية فمعطوفة،
لكن لا يلزم من كون المعطوف عليه مقيدا بقيد أن يكون المعطوف
مقيدا به، لأن التنفس لا يتعلق بحالة البول وإنما هو حكم مستقل.
ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكرها هنا أن الغالب من أخلاق المؤمنين
التأسي بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان إذا بال توضأ.
وثبت أنه شرب فضل وضوئه، فالمؤمن بصدد أن يفعل ذلك، فعلمه أدب
الشرب مطلقا لاستحضاره، والتنفس في الإناء مختص بحالة الشرب
كما دل عليه سياق الرواية التي قبله.