دائما نقرأ سورة الكهف خاصة بيوم الجمعة ،
ولكن مع الأسف قد يجهل البعض الحكمة أو الفضل من قراءة هذه السورة .
وكل القرآن خير وبركة ولكن رسول الله حثنا على قراءة سورة الكهف
وورد في فضلها عدة أحاديث صحيحة ففي الحديث :
( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ,عصم من الدجال )
وعند الإمام الحاكم عن أبي سعيد :
( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة
أضاء له من النور ما بين الجمعتين )
وقال النبي صلى الله عليه و سلم :
( ألا أدلُّكم على سورةٍ شيَّعها سبعون ألفَ ملَكٍ
ملءُ عظمِها ما بين الخافقَيْن السَّماءِ والأرضِ لتاليها مثلُ ذلك ؟
قالوا : بلى يا رسولَ اللهِ ! قال : سورةُ أصحابِ الكهفِ
من قرأها يومَ الجمعةِ غفر اللهُ له إلى الجمعةِ الأخرَى
وزيادةَ ثلاثةِ أيَّامٍ , وأُعطي نورًا يبلغُ السَّماءَ ووُقِي فتنةَ الدَّجالِ )
[ الراوي: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة
المحدث : القرطبي المفسر - المصدر : التذكار
الصفحة أو الرقم : 195 - خلاصة حكم المحدث: لا يصح]
وعلى كل حال سبب تخصيص قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
لأنها اشتملت على أربع قصص : قصة أصحاب الكهف
وقصة أصحاب الجنتين وقصة موسى مع الخضر وقصة ذو القرنين .
أما قصة أصحاب الكهف : فهي تعالج فتنة الدين .
وقصة أصحاب الجنتين : تعالج فتنة الدنيا .
وقصة موسى مع الخضر : تعالج فتنة العلم .
وقصة ذو القرنين : تعالج فتنة السلطة .
فبعد أن ذكر كل فتنة ذكر علاجها
1- فأما قصة أصحاب الكهف : فهي تعالج فتنة الدين
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
{13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا
فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً }
{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ }
فقصة أصحاب الكهف تعالج فتنه الدين
فبالصبر والتوحيد والإخلاص ينجوا العبد من الفتن .
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ }
فالكافر : معتز بدنياه , والمؤمن : معتز بدينه
فالكافر : دخل جنته وهو ظالم لنفسه , فرد عليه المؤمن :
{ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ }
ثم نصحه انه إذا دخل جنته قال
{وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ }
( مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ
فَقَالَ : مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ . لَمْ يَضُرَّهُ )
وهذا تحصينن أنس بن مالك رضي الله عنه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما أنعمَ اللَّهُ على عبدٍ منِ نعمةٍ من أهلٍ وولدٍ فيقولُ :
ما شاءَ اللَّهُ لا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ فَيرَى فيهِ آفةً دونَ المَوتِ )
فكانت النتيجة انه أصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها
ويقول : يا ليتني لم أشرك بربي أحدا .
وعلاج فتنة الدنيا ذكر حقيقتها
وهي إنها سريعة الفناء والزوال متقلب الأحوال يوم لك ويوم عليك
ولذلك ضرب لهم مثل الحياة الدنيا
بأنها كماء انزله الله فاختلط به نبات الأرض ثم اخضرت الأرض
ثم اشتدت عليها الشمس ثم اصفرت ثم أصبحت هشيما تذروها الرياح
وهذا حال الدنيا أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا
ولكن الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير أملا .
3- قصة موسى مع الخضر وهي تعالج فتنة العلم
عن أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ , أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( إن موسى قامَ خطيبًا في بني إسرائيلَ ، فسُئِلَ : أيُّ الناسِ أعلمُ ؟
فقال : أنا ، فعَتِبَ اللهُ عليه إذ لم يردَّ العلمَ إليه ،
فأوحَى اللهُ إليه إن لي عبدًا بمَجْمَعِ البحريْن هو أعلمُ منك ،
قال موسى : ياربِّ فكيف لي به ؟
قال : تأخذُ معك حوتًا فتجعلُه في مِكْتَلٍ، فحيثما فقدتَ الحوتَ فهو ثَمَّ،
فأخذَ حوتًا فجعلَه في مِكْتَلٍ،
ثم انطلقَ وانطلقَ معه بفتاهُ يوشَعَ بنِ نونٍ ،
حتى إذا أتيَا الصخرةَ وضعَا رؤوسَهما فنامَا،
واضطربَ الحوتُ في المِكْتَلِ فخرجَ منه فسقطَ في البحرِ،
{ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا }
وأمسكَ اللهُ عن الحوتِ جِرْيَةَ الماءِ فصار عليه مثل الطاقِّ ،
فلما استيقظَ نسيَ صاحبُه أن يخبرَه بالحوتِ ،
فانطلقَا بقيةَ يومِهما وليلتِهما ،
حتى إذا كان من الغدِّ قال موسى لفتاه:
{ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا }
قال : ولم يجدْ موسى النصَبَ حتى جاوزَا المكانَ الذي أمرَ اللهُ به ،
{ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ
فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ
أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا }
قال : فكان للحوتِ سَرَبًا ، ولموسى ولفتاهُ عجبًا ، فقال موسى :
{ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا }
قال : رجعَا يقُصَّانِ آثارَهما حتى انتهيَا إلى الصخرةِ ،
فإذا رجلٌ مسجًّى ثوبًا ، فسلَّم عليه موسى ،
فقال الخضر : وأنَّى بأرضِك السلامُ ، قال : أنا موسى ،
قال : موسى بني إسرائيلَ ؟
قال: نعم ، أتيتُك لتعلمُني مما عُلِّمْتَ رَشَدًا قال :
{ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً }
يا موسى إني على علمٍ من علمِ اللهِ علَّمنِيه لا تعلمُه أنت ،
وأنت على علمٍ من علمِ اللهِ علَّمكَه اللهُ لا أعلمُه ، فقال موسى :
{ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا }
فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا }
فانطلقَا يمشيانِ على ساحلِ البحرِ ،
فمرَّت سفينةٌ فكلَّموهم أن يحملُوهم ،
فعرفوا الخضرَ فحملوهم بغير نوْلٍ ، فلما ركبَا في السفينةِ ،
لم يفجأْ إلا والخضرُ قد قلعَ لوحًا من ألواحِ السفينةِ بالقدومِ ،
قومٌ حملونا بغير نوْلٍ عَمَدْتَ إلى سفينتِهم فخرقتَها لتُغْرِقَ أهلَها
{ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا }