( إن الرجلَ ليعملَ بعملِ أهلِ الجنةِ، فيما يبدُو للناسِ ،
وإنه من أهلِ النارِ, ويعملُ بعملِ أهلِ النارِ ،
فيما يبدُو للناسِ ، وهو من أهلِ الجنةِ )
تدل على أن ظاهر عمل الرجل يكون صالحا وأن باطنه يكون بخلاف ذلك
وأن الخاتمة السيئة تكون بسبب دسيسة باطنه للعبد
لا يطلع عليها الناس من شك أو نفاق أو رياء ونحوه من أمراض القلب
فتغلب عليه تلك الخصلة السيئة عند موته
وتوجب له سوء الخاتمة والعياذ بالله ،
وكذلك قد يكون ظاهر عمل الرجل فاسدا من أعمال أهل النار
وفي باطنه خصلة خفية صالحة لا يطلع عليها الناس من خوف الله ومحبته
وإشفاقه من ذنوبه الكبار وغير ذلك من خصال الخير
ثم تغلب عليه تلك الخصلة آخر عمره ويوفق للتوبة
{ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ }
إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك ،
وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس ؛
إما من جهة عمل سيء و نحو ذلك ،
فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت .
وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار ،
وفي باطنه خصلة خفيه من خصال الخير ،
فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره ،
فتوجب له حسن الخاتمة واكبر دليل إن إبليس كان عابدا ومجتهدا
ولكن كان عنده دسيسة سوء فامتحنه الله بالسجود لأدم فامتنع
{ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا }
إذا خبثت النية والطوية وعنده أعمال صالحة فسدت
والسبب لما في القلب من الخبث والفساد
فهو يتحين فعل الرذائل إذا غفل الناس فعنده استخفاف بعظمة الله
و الجرأة على حدوده فشتان بين من تحصل منه المعصية عرضا لا اتفاقا
وبين من تحصل منه المعصية ووطن نفسه عليها ويفرح بها
فإذا فعل طاعة فرح وإذا فعل معصية حزن
فالمؤمن من سرته حسنته وساءته سيئته .
7- ومن محبطات الأعمال أكل الحرام
ولذلك قال العلماء : سبب انصراف كثير من الناس عن الطاعات أكل الحرام
وسبب عدم قبول عباداتهم وطاعاتهم أكل الحرام
وفي المقابل سبب قبول عبادات وطاعاتهم أكل الحلال
وشربه ولبسه والتغذي به ومن أعظم العبادات الدعاء
[ رواه الأربعة وصححه الترمذي عن النعمان ]
ولذلك أكل الحرام يمنع قبول الدعاء
( ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ . أشعثَ أغبَرَ .
يمدُّ يدَيه إلى السماءِ . يا ربِّ ! يا ربِّ ! ومطعمُه حرامٌ ،
ومشربُه حرامٌ ، وملبَسُه حرامٌ ، وغُذِيَ بالحرام .
فأَنَّى يُستجابُ لذلك ؟ )
استبعد رسول الله إجابة دعوته بسبب أكل الحرام وشربه ولبسه
بقوله : أنى يستجاب لذلك ومع هذا الوعيد الشديد في عدم استجابة الدعاء
وعدم قبول العبادات نرى كثير من الناس يأكلون الحرام .
8- ومن محبطات الأعمال شرب الخمر
ثبت في عند الترمذي والحاكم عن ابن عمر مرفوعا :
( مَن شربَ الخمرَ لم تُقبَلْ لَهُ صلاةٌ أربعينَ صباحًا ،
فإن تابَ تابَ اللَّهُ عليْهِ ،
فإن عادَ لم يَقبلِ اللَّهُ لَهُ صلاةً أربعينَ صباحًا ،
فإن تابَ تابَ اللَّهُ عليْهِ ،
فإن عادَ لم يقبلِ اللَّهُ لَهُ صلاةً أربعينَ صباحًا ،
فإن تابَ تابَ اللَّهُ عليْهِ ،
فإن عادَ الرَّابعةَ لم يَقبلِ اللَّهُ لَهُ صلاةً أربعينَ صباحًا ،
فإن تابَ لم يَتبِ اللَّهُ عليْهِ ، وسقاهُ من نَهرِ الخبال )
9- ومن محبطات الأعمال إسبال الإزار عن الكعبين في حق الرجال
وخلاصة إحكام الإزار خمسة :
أولا : أن يكون إزرة المسلم إلى إنصاف ساقيه .