بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا
س: مستمع يسأل ، ويقول : أرجو أن تتفضلوا بإجابتي
عن السؤال التالي : هل الإنسان في هذه الحياة مسير أو مخير ؟
مع اصطحاب جميع الأدلة ؟ وجزاكم الله خيرا
ج_الإنسان مسير ومخير جميعا ،
له الوصفان فهو مخير ؛ لأن الله أعطاه عقلا وأعطاه مشيئة ، وأعطاه
إرادة يتصرف بها ، فيختار النافع ويدعو الله ، يختار الخير ويدع الشر ،
يختار ما ينفعه ، ويدع ما يضره ،
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ }
فالناس لهم إرادة ولهم مشيئة ، ولهم أعمال ،
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
فلهم أعمال ولهم إرادات ، ولهم مشيئة هم مخيرون فإذا فعلوا الخير
استحقوا الجزاء من الله فضلا منه سبحانه وتعالى ، وإذا فعلوا الشر
استحقوا العقاب ، فهم إذا فعلوا الطاعات فعلوها باختيارهم ، ولهم أجر
عليها وإذا فعلوا المعاصي ، فعلوها باختيارهم وعليهم وزرها وإثمها
والقدر ماض فيهم ، هم أيضا مسيرون بقدر سابق ،
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا }
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال :
( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وتؤمن
وقال عليه الصلاة والسلام :
( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض
بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء )
فالله قدر الأشياء سابقا ، وعلم أهل الجنة وأهل النار ، وقدر الخير والشر
والطاعات ، والمعاصي كل إنسان يسير فيما قدر الله له ، وكل مسير
جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال لأصحابه ذات يوم :
( ما منكم من أحد إلا ويرى مقعده من الجنة ومقعده من النار
قالوا : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ يعني ما دامت مقاعدنا معروفة
من الجنة والنار ، ففيم العمل ، قال عليه الصلاة والسلام : اعملوا
فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسروا لعمل السعادة ،
وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل الشقاوة )
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }
فأنت يا عبد الله عليك أن تعمل ، ولن تخرج عن قدر الله سبحانه وتعالى ،
عليك أن تعمل وتجتهد بطاعة الله ، وتسأل ربك التوفيق ، وعليك أن تحذر
ما يضرك ، وأسأل ربك الإعانة على ذلك ، وأنت ميسر لما خلقت له ،
كل ميسر لما خلق له ، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .
س: يسأل السائل ويقول : حدث نقاش بيني وبين صديق لي حول مسألة ،
هل الإنسان مخير أو مسير ؟ أفيدونا عن هذا القول ، جزاكم الله خيرا .
ج_الإنسان مخير ؛ لأن الله أعطاه مشيئة ، وأعطاه إرادة فهو يعلم ويعمل
، وله اختيار ، وله مشيئة ، وله إرادة يأتي الخير عن بصيرة وعن علم
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ }
فجعل لهم إرادة ، جعل لهم مشيئة ،
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
{ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
فجعل لهم عملا ، وجعل لهم صنعا ، وجعل لهم فعلا ، هم يفعلون الشر
والخير ، ولهم اختيار ، يختار المعصية ويفعلها ويختار الطاعة فيفعلها
له إرادة ، وله اختيار ، كذلك يختار هذا الطعام ليأكل منه ، وهذا الطعام
لا يريده يريد هذه السلعة أن يشتريها والأخرى لا يريدها ، يستأجر هذه
الدار ، والأخرى لا يستأجرها ، ولا يريدها يزور فلانا والآخر لا يزوره ، بمشيئته
واختياره ، ولكن هذه المشيئة وهذا الاختيار وهذه الإرادة وهذه الأعمال
كلها بقدر ، فمسير من هذه الحيثية ، وأنه بمشيئته واختياره ، وأعماله
لا يخرج عن قدر الله ، بل هو تحت قدر الله كل شيء بقدر حتى العجز
والكيس ، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ،
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
فالإنسان في تصرفاته مخير له مشيئة وله اختيار وله إرادة ، ولهذا
يستحق العقاب على المعصية ، ويستحق الثواب على الطاعة ؛ لأنه فعل
ذلك عن مشيئة وعن إرادة وعن قدرة ، ويستحق الثناء على الطاعة
والعقاب على المعصية ، ولكنه بهذا لا يخرج عن قدر الله ، هو ميسر
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا }
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }