أخُوَّةُ الإِسلامِ و حُقوقُ المُسْلِم
( أخُوَّةُ الإِسلامِ و حُقوقُ المُسْلِم )
المعنى العام : (1- النهي عن الحسد 2- النهي عن النجش
3- النهي عن التباغض 4- النهي عن التدابر 5- النهي عن البيع على البيع
6- الأمر بنشر التآخي 7- واجبات المسلم نحو أخيه
8- التقوى مقياس التفاضل وميزان الرجال 9- حرمة المسلم )
عن أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه قال :
قال رسوُل الله صلى الله عليه و سلم :
( لا تَحَاسَدُوا، ولا تَنَاجَشُوا ، ولا تَباغَضُوا، و لا تَدَابَرُوا، ولا يَبعْ
بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوَاناً ، المُسْلمُ أَخُو
المُسْلمِ : لا يَظْلِمُهُ، ولا يَكْذِبُهُ، ولا يَحْقِرُهُ ، التَّقْوَى ههُنا - ويُشِيرُ
إلى صَدْرِه ثَلاثَ مَرَّاتٍ - بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أن يَحْقِرَ أخاهُ
المُسْلِمِ ، كُلُّ المُسْلِمِ على الْمسْلِم حَرَامٌ : دَمُهُ و مالُهُ وعِرْضُهُ )
لا يقتصر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بتأكيد الأخوة الإسلامية
على رفعها كشعار، بل يحيطها بأوامر ونواهٍ تجعلها حقيقة ملموسة بين
أفراد المجتمع المسلم، وهذا الحديث اشتمل على أحكام كثيرة و فوائد
عظيمة لبلوغ هذه الغاية الإسلامية النبيلة ، و حمايتها من كل عيب
أو خلل حتى لا تصبح الأخوة كلاماً يهتف به الناس ، و خيالاً يحلمون به
و لا يلمَسُون له في واقع حياتهم أي أثر،
و لذلك قال النووي في " الأذكار" عن هذا الحديث :
وما أعظم نفعه ، وما أكثر فوائده .
أي لا يتمنى بعضكم زوال نعمة بعض .
و النجش في اللغة : الخداع أو الارتفاع و الزيادة . و في الشرع :
أن يزيد في ثمن سلعة ينادي عليها في السوق ونحوه ولا رغبة له
في شرائها ، بل يقصد أن يضر غيره .
لا تتدابروا ، والتدابر: المصارمة والهجران .
لا يترك نصرته عند قيامه بالأمر بالمعروف أو نهيه عن المنكر، أو عند
مطالبته بحق من الحقوق ، بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع
لا يخبره بأمر على خلاف الواقع .
لا يستصغر شأنه و يضع من قدره .
يكفيه من الشر أن يحقر أخاه ، يعني أن هذا شر عظيم يكفي
العرض هو موضع المدح والذم من الإنسان .
تعريفه : الحسد لغة وشرعاً : تمني زوال نعمة المحسود ، وعودها إلى
الحاسد أو إلى غيره. وهو خُلُقٌ ذميم مركوز في طباع البشر، لأن الإنسان
يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل.
حكمه : أجمع الناس من المشرعين وغيرهم على تحريم الحسد و قبحه .
حكمة تحريمه : أنه اعتراض على الله تعالى ومعاندة له ، حيث أنعم
على غيره ، مع محاولته نقض فعله تعالى وإزالة فضله .
قسم يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول و الفعل .
و قسم آخر من الناس، إذا حسد غيره لم يبغ على المحسود بقول ولا بفعل
و قسم ثالث إذا وجد في نفسه الحسد سعى في إزالته، وفي الإحسان إلى
المحسود بإبداء الإحسان إليه والدعاء له ونشر فضائله، وفي إزالة ما
وجد له في نفسه من الحسد حتى يبدله بمحنته، وهذا من أعلى درجات
الإيمان، وصاحبه هو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
تعريفه : تضمن الحديث النهي عن النجش ، وهو أن يزيد في ثمن سلعة
ينادى عليها في السوق ونحوه ، و لا رغبة له في شرائها ،
وحكمه : حرام إجماعاً على العالم بالنهي ، سواء كان بمواطأة البائع أم
لا، لأنه غش وخديعة ، وهما محرمان ، و لأنه ترك للنصح الواجب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من غشنا فليس منا "، وفي رواية:"من غشَّ )
أما حكم عقد البيع من النجش : فقد اختلف فيه العلماء ، فمنهم من قال:
إنه فاسد، وهو رواية عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه . و أكثر
الفقهاء على أن البيع صحيح مطلقاً ، إلا أن مالكاً وأحمد أثبتا للمشتري
الخيار إذا لم يعلم بالحال وغُبِنَ غبناً فاحشاً يخرج عن العادة ، فإن اختار
المشتري حينئذ الفسخ فله ذلك ، وإن أراد الإمساك فإنه يحط ما غبن به من الثمن .
تعريفه : البغض هو النفرة من الشيء لمعنى فيه مستقبح ، و يرادفه
الكراهة . و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم المسلمين عن التباغض
بينهم في غير الله تعالى ، فإن المسلمين إخوة متحابون ،
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }
حكمه : وهو لغير الله حرام .
تحريم ما يوقع العداوة و البغضاء : حرم الله على المؤمنين ما يوقع بينهم
العداوة والبغضاء، فحرم الخمر والميسر،
{ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ }
و حَرَّم الله المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء ،
و رَخَّصَ في الكذب في الإصلاح بين الناس .
التدابر هو المصارمة والهجران ، وهو حرام إذا كان من أجل الأمور
وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم
_ في البخاري ومسلم عن أبي أيوب _
( لا يَحِلُّ لمسلم أن يَهْجُرَ أخاه فوق ثلاث ،
يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )
أما الهجران في الله ، فيجوز أكثر من ثلاثة أيام إذا كان من أجل أمر ديني
، و قد نص عليه الإمام أحمد، ودليله قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا في عزوة
تبوك ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرانهم خمسين يوماً، تأديباً
لهم على تخلفهم ، و خوفاً عليهم من النفاق . تنظر القصة كاملة في السيرة .
كما يجوز هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى الأهواء والمبادئ
الضالة . و يجوز هجران الوالد لولده ، والزوج لزوجته ، وما كان
في معنى ذلك تأديباً ، و تجوز فيه الزيادة على الثلاثة أيام،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر نساءه شهراً .