( خَطَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم خَطًّا مُرَبَّعًا، وخَطَّ خَطًّا في الوَسَطِ
خارِجًا منهُ، وخَطَّ خُطَطًا صِغارًا إلى هذا الذي في الوَسَطِ مِن جانِبِهِ
الذي في الوَسَطِ، وقال : ( هذا الإنْسانُ، وهذا أجَلُهُ مُحيطٌ بهِ - أو
قَدْ أحاطَ بِهِ - وهذا الذي هو خارِجٌ أمَلُهُ، وهذِهِ الخُطَطُ الصِّغارُ
الأعْراضُ، فإنْ أخْطَأهُ هذا نَهَشَهُ هذا، وإنْ أخْطَأهُ هذا نَهَشَهُ هذا ) .
مما لاشك فيه أن التكرار من الوسائل التربوية الهامة في الموقف
التعليمي.. والمعينة على الحفظ والفهم والاستيعاب.. هذا ولقد أدرك
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قيمة هذه الوسيلة فحرص على استخدمها:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه
((كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه..))
أخرجه البخاري في كتاب العلم.
والمعلم الناجح هو الذي يتأنى في عرض الدرس مستخدما أسلوب الحوار
والمناقشة ليصل بذلك إلى عقول كل المتعلمين فيعون ما يقول ويفهمون
ويحفظون ما يلقي على مسامعهم.. وهذا الأسلوب الجذاب أثناء العرض
استخدمه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الموقف التعليمي فكان
يتأنى ولا يستعجل في كلامه.. بل يفصل بين كل كلمة وأخرى حتى يسهل
الحفظ ولا يقع التحريف والتغيير عند النقل حتى ليسهل على السامع
( ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسرد كسردكم هذا
ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من يجلس إليه )
أخرجه الترمذي في كتاب المناقب
وبذلك يكون الرسول أول من دعا إلى التأني في الموقف التعليمي
حثت المدرسة الحديثة في التربية على استخدام المعلم داخل حجرة
الدراسة الأمثال لما للمثل من أثر بالغ في إيصال المعنى إلى العقل والقلب
ذلك أنه يقدم المعنوي في صورة حسية فيربطه بالواقع ويقربه إلى
الذهن.. فضلا عن أن المثل بمختلف صوره له بلاغة تأخذ بمجامع القلوب
وتستهوي العقول... وبخاصة عقول البلغاء ولا شك أن هذا الأسلوب كان
منهج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان
قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد
الواحد... إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
أخرجه البخاري في كتاب الأدب.
ويقول تعالى في سورة الحشر:
{ وَتِلْكَ الأَْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }.