عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-16-2014, 09:21 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

قال تعالى:
{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ *
رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلاةِ
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ *
لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
[النور: 36-38].
عبادة منفردة وشافع مشفع : فتلاوة القرآن بذاتها عبادة مأمور بها،
ويثاب عليها المسلم، وتكون وسيلة لنجاته يوم القيامة ونيل مرضاة
ربه جل وعلا، حيث يشفع القرآن لتاليه عند ربه.
وروى مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه )
ولا يقل فضل السماع للقرآن عن فضل تلاوته، بل إن الاستماع والإنصات
لقراءته سبب لنيل مغفرة الله تعالى ورحمته.
وروى الأمام أحمد في مسنده:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة،
ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة )
نور على نور: ويزداد الأجر ويعظم الثواب ويكثر الفضل إذا ضم إلى
التلاوة والاستماع والفهم والتدبير والخشوع، فيجتمع نور على نور،
ومكرمة إلى مكرمة.
قال الله تعالى:
{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ }
[ ص: 29] .
" نزلت عليهم السكينة " : وبهذه السكينة يطمئن القلب، وتهدأ النفس،
وينشرح الصدر، ويستقر البال والفكر،
وقال تعالى:
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }
[ الرعد: 28].
والخسارة كل الخسارة لأولئك الذين خوت قلوبهم فغفلوا عن الله تعالى
وذكره، فعاشوا في مقت وكرب وضياع في دنياهم، وكان لهم الهلاك
والخلود في جهنم في أخراهم،
قال تعالى:
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }
[طه: 124].
وقال سبحانه:
{ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ }
[الزمر:22] .
"غشيتهم الرحمة " : فطوبى لهؤلاء الذين قربت منهم الرحمة فكانت
تلاوتهم لكتاب الله عز وجل ومدارستهم له عنواناً على أنهم من المحسنين:
{ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }
[الأعراف: 56].
"حفتهم الملائكة "
فلما كثر القارئون كثرت الملائكة حتى تُحيط بهم من كل جانب .
ولعل خير ثمرة لهذه المكرمة أن يكون هؤلاء الملائكة سفراء بين عباد
الرحمن هؤلاء وبين خالقهم جل وعلا، يرفعون إليه سبحانه ما يقوم به
هؤلاء المؤمنون من ذكر الله عز وجل ومدارسة لكتابه، وما انطوت عليه
نفوسهم من رغبة في نعيم الله عز وجل ورضوانه، ورهبة من سخطه
وإشفاق من عقابه، فيكون ذلك سبباً للمغفرة، وباباً للفوز والنجاة .
روى البخاري ومسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه سلم :
( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر،
فإن وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجتكم. قال:
فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا . قال : فيسألهم ربهم - وهو
أعلم منهم - : ما يقول عبادي؟ قال : تقول : يسبحونك ويكبرونك
ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول : هل رأوني؟ قال: فيقولون:
لا والله ما رأوك. قال: فيقول: وكيف لو رأوني ؟ قال: يقولون:
لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً وأكثر تسبيحاً.
قال: يقول: فما يسألونني ؟ قال: يسألونك الجنة. قال: يقول:
وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول:
فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال: يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد
حرصاً عليها وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة. قال: فمم
يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال:
يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟
قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة.
قال فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال يقول ملك من الملائكة
: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة؟ قال: هم الجلساء
لا يشقى بهم جليسهم )
د - " ذكَرَهم الله فيمن عنده " :
قال عز وجل :
{ فاذكُروني أذكرْكم واشكُروا لي ولا تَكْفرون }
[ البقرة: 152].
فإذا ذكر العبد المؤمن ربه، بتلاوة كتابه وسماع آياته، قابله الله عز وجل
على فعله من جنسه فذكره سبحانه في عليائه، وشتان ما بين الذاكرين،
ففي ذكر الله تعالى لعبده الرفعة ، والمغفرة والرحمة، والقبول والرضوان
وخلاصة القول : لقد ربحت تجارة هؤلاء الذين أقبلوا على كتاب الله
عز وجل تلاوة ودرساً وتعلماً وعملاً والتزاماً،
وصدق الله العظيم إذ يقول:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً
يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }
[فاطر: 29-30].
13 - إنسانية الإسلام وعدالته :
التقوى والعمل الصالح طريق الوصول إلى الله عز وجل: لقد قرر الإسلام
وحدة الإنسانية، ورسخ المساواة بين أفراد البشرية من حيث المولد،
فالجميع مخلوقون من نفس واحدة، ولا فرق بين أبيض وأسود، ولا فضل
لعربي على أعجمي، ولا امتياز لشريف على وضيع في أصل الخلقة
والمنشأ:
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً }
[النساء: 1]
وكانت العدالة الإلهية في الإسلام حيث جعل التفاضل بين الناس بالعمل
الصالح، وطريق القرب من الله تعالى تقواه، دون النظر إلى من انحدر من الآباء:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }
[الحجرات: 13].
فلا يضير الإنسان عند الله عز وجل ضعة نسبه، فإن الله تعالى رتب
الجزاء على الأعمال لا على الأنساب .ولذا نجد القرآن الكريم يحذر الناس
من أن يعتمدوا على الأنساب، فيأمر النبيَّ أن يبدأ بتبليغ أهله فيقول له :
{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ }
[الشعراء:214]
ونجد المصطفى صلى الله عليه وسلم ينادي فيقول :
( يا فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه و سلم - سليني ما شئت
من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئاً )
متفق عليه .
14 - ولاية الإيمان والعمل، لا ولاية الدم والنسب :
لقد كان الناس يتناصرون ويتولى بعضهم بعضاً بالعصبية والقرابة
النسبية فجاء الإسلام وجعل الصلة هي صلة الإيمان، والولاية هي
ولاية الدين والعمل،
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[التوبة: 71] .
ومما يستفاد من الحديث :
1- أن الجزاء عند الله من جنس ما قدم العبد من عمل، فجزاء التنفيس
التنفيس، وجزاء التفريج التفريج، والعون بالعون، والستر بالستر،
والتيسير بالتيسير:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار
الجنة، و أيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله يوم القيامة
من الرحيق المختوم، و أيما مؤمن كسا مؤمناً على عري
كساه الله من خضر الجنة )
رواه الترمذي .
2- الإحسان إلى الخلق طريق محبة الله عز وجل .
3- ما ذكر من التنفيس وغيره عام في المسلم وغيره الذي لا يناصب
المسلمين العداء ، فالإحسان إليه مطلوب، بل ربما تعدى ذلك لكل مخلوق ذي روح
قال صلى الله عليه وسلم:
( إن الله كتب الإحسان على كل شيء )
رواه مسلم .
وقال :
( في كل كبد رطبة أجر )
متفق عليه .
4- الحذر من تطرق الرياء في طلب العلم، لأن تطرقه في ذلك أكثر من
تطرقه في سائر الأعمال، فينبغي تصحيح النية فيه والإخلاص كي
لا يحبط الأجر ويضيع الجهد .
5- طلب العون من الله تعالى و التيسير، لأن الهداية بيده ، و لا تكون
طاعة إلا بتسهيله و لطفه ، و دون ذلك لا ينفع علم و لا غيره .
6- ملازمة تلاوة القرآن و الاجتماع لذلك ، و الإقبال على تفهمه و تعلمه
و العمل به ، و أن لا يترك ليقرأ في بدء الاحتفالات و المناسبات ،
و في المآتم وعلى الأموات .
7- المبادرة إلى التوبة والاستغفار والعمل الصالح ،
قال الله تعالى :
{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
[آل عمران: 133-134] .

رد مع اقتباس