هل هذا القول صحيح أم لا : ( أن من سب الله وسب الرسول
صلى الله عليه وسلم ليس بكفر في نفسه ، ولكنه أمارة وعلامة
على ما في القلب من الاستخفاف والاستهانة ) ؟
هذا قول باطل، لأن الله حكم على المنافقين بالكفر بعد الإيمان بموجب قولهم : ( ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أجبن عند اللقاء )
يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،
فأنزل الله فيهم قوله سبحانه وتعالى :
{ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }
فكفّرهم بهذه المقالة ولم يشترط في كفرهم أنهم كانوا يعتقدون ذلك
بقلوبهم، بل إنه حكم عليهم بالكفر بموجب هذا المقالة .
{ وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ }
فرتب الكفر على قول كلمة الكفر .
ما حكم من يسب الله ورسوله ويسب الدين فإذا نُصح في هذا الأمر
تعلَّل بالتكسب وطلب القوت والرزق ، فهل هذا كافر أم هو مسلم
يحتاج إلى تعزير وتأديب ؟ وهل يقال هنا بالتفريق
لا يجوز للإنسان أن يكفر بالله بالقول أو بالفعل أو بالاعتقاد ويقول إن هذا
لأجل طلب الرزق، فالرزق عند الله سبحانه وتعالى ، والله جل وعلا يقول:
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ }
فالرزق بيد الله عز وجل ، والله جل وعلا حكم بالكفر على من آثر الدنيا
على الآخرة ، قال سبحانه وتعالى في وصف المرتدين والمنافقين :
{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }
فحكم عليهم بأنهم تركوا إيمانهم بسبب أنهم يريدون أن يعيشوا مع الناس
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ }
فلو توكلوا على الله لرزقهم الله عز وجل .
ما هو القول فيمن نصب الأصنام والأضرحة والقبور ، وبنى عليها
المساجد والمشاهد ، وأوقف عليها الرجال والأموال ، وجعل لها
هيئات تشرف عليها ، ومكَّن الناس من عبادتها والطواف
حولها ودعائها والذبح لها ؟
هذا حكمه أنه يكفر بهذا العمل، لأن فعله هذا دعوة للكفر .إقامته للأضرحة
وبناؤه لها ودعوة الناس إلى عبادتها وتنصيب السدنة لها، هذا يدل على
رضاه بهذا الأمر ، وعلى أنه يدعو إلى الكفر ويدعوا إلى الضلال والعياذ بالله .
هل تصح الصلاة خلف إمام يستغيث بالأموات ويطلب المدد منهم
أم لا ؟وماذا عن رجل يكذب ويتعمد الكذب و يؤذي الصالحين
ويؤم الناس. هل يقدم في الصلاة إذا عرف عنه الكذب والفسوق؟
لا تصح الصلاة خلف المشرك الذي شركه شرك أكبر يخرج من الملة
ودعاء الأموات والاستغاثة بهم ، هذا شرك أكبر يخرج من الملّة .
فهذا ليس بمسلم لا تصح صلاته في نفسه ولا تصح صلاة من خلفه،
إنما يشترط للإمام أن يكون مؤمناً بالله وبرسوله ، ويكون عاملاً بدين
أما الرجل الأخر وما يفعله فهذه كبائر من كبائر الذنوب : الكذب، واكتساب
الكبائر التي دون الشرك وأذية المسلمين .. هذه كبائر من كبائر الذنوب،
لا تقتضي الكفر ، ولا ينبغي أن يُنصَّب إماماً للناس، لكن من جاء ووجدهم
يصلون وهو يصلي بهم، يصلي خلفه ولا يصلي منفرداً، إلى أن يجد
إماماً صالحاً مستقيماً فيذهب إليه.
هناك بعض الأحاديث التي يستدل بها البعض على أن من ترك
جميع الأعمال بالكلية فهو مؤمن ناقص الإيمان .. كحديث
( لم يعملوا خيراً قط ) وحديث البطاقة وغيرها من الأحاديث ؛
هذا من الاستدلال بالمتشابه ، هذه طريقة أهل الزيغ الذين
قال الله سبحانه وتعالى عنهم :
{ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ }
فيأخذون الأدلة المتشابهة ويتركون الأدلة المحكمة التي تفسرها وتبينها
.. فلا بد من رد المتشابهة إلى المحكم، فيقال من ترك العمل لعذر شرعي
ولم يتمكن منه حتى مات فهذا معذور ، وعليه تحمل هذه الأحاديث .. لأن
هذا رجل نطق بالشهادتين معتقداً لهما مخلصاً لله عز وجل ، ثم مات في
الحال أو لم يتمكن من العمل ، لكنه نطق بالشهادتين مع الإخلاص لله والتوحيد
كما قال صلى الله عليه وسلم :
( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله
( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )
، هذا لم يتمكن من العمل مع انه نطق بالشهادتين واعتقد معناهما
وأخلص لله عز وجل، لكنه لم يبق أمامه فرصة للعمل حتى مات فهذا
هو الذي يدخل الجنة بالشهادتين ، وعليه يحمل حديث البطاقة وغيره
مما جاء بمعناه ، والذين يُخرجون من النار وهم لم يعملوا خيراً قط
لأنهم لم يتمكنوا من العمل مع أنهم نطقوا بالشهادتين ودخلوا
في الإسلام، هذا هو الجمع بين الأحاديث.
ما حكم من يدعو غير الله وهو يعيش بين المسلمين
وبلغه القرآن ، فهل هذا مسلم تلبس بشرك أم هو مشرك ؟
من بلغه القرآن والسنة على وجه يستطيع أن يفهمه لو أراد ثم لم يعمل به
ولم يقبله فإنه قد قامت عليه الحجة ، ولا يعذر بالجهل لأنه بلغته الحجة ،
{ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ }
سواء كان يعيش مع المسلمين أو يعيش مع غير المسلمين .. فكل
من بلغه القرآن على وجه يفهمه لو أراد الفهم ثم لم يعمل به فإنه
لا يكون مسلماً ولا يعذر بالجهل.
هل يشترط في إقامة الحجة فهم الحجة فهماً واضحاً جلياً أم يكفي
مجرد إقامتها ؟ نرجو التفصيل في ذلك مع ذكر الدليل ؟
هذا ذكرناه في الجواب الذي قبل هذا، أنه إذا بلغه الدليل من القرآن أو
من السنة على وجه يفهمه لو أراد .. أي بلغه بلغته ، وعلى وجه يفهمه
ثم لم يلتفت إليه ولم يعمل به فهذا لا يعذر بالجهل لأنه مفرِّط .
هل تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – للطائفة الممتنعة
من أداء شعيرة الزكاة - حين فعل هذا من ارتد من العرب – لأجل
جحدهم للوجوب أم لأجل مجرد المنع وعدم الالتزام بالأداء ؟
هذا فصّل فيه أهل العلم، قالوا إن مانع الزكاة إن كان يجحد وجوبها فهذا
كافر ويقاتل قتال ردة ، وأما إن كان منعه لها من أجل بخل وهو يعتقد
وجوبها فهذا يقاتل حتى يخضع لأداء الزكاة فلا يحكم بكفره، فيقاتل
امتناعاً لمنعه الزكاة حتى تؤخذ منه. وأما ما نُسب إلى الشيخ تقي
الدين ابن تيمية إلى أنه كفرهم مطلقاً فأنا لم أطلع على هذا الكلام .