ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية
كالقانون الفرنسي والبريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص
فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ؟
من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه
يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى
أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح
الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل .
أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب
الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة
في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ،
فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها .
ما حكم من يقول بأن من قال : أن من ترك العمل الظاهر بالكلية
بما يسمى عند بعض أهل العلم بجنس العمل أنه كافر ؛
أن هذا القول قالت به فرقة من فرق المرجئة ؟
هذا كما سبق. أن العمل من الإيمان، العمل إيمان، فمن تركه يكون تاركاً
للإيمان، سواء ترك العمل كله نهائياً فلم يعمل شيئاً أبداً، أو أنه ترك
بعض العمل لأنه لا يراه من الإيمان ولا يراه داخلاً في الإيمان
هل تكفير السلف - رضوان الله عليهم – للجهمية ، كفر أكبر
مخرج من الملة أم هو كفر دون كفر والمراد منه الزجر
تكفير السلف للجهمية تكفير بالكفر الأكبر لأنهم جحدوا كلام الله عز وجل،
قالوا : كلام الله مخلوق ، وجحدوا أسماء الله وصفاته فهم معطلة ، وهم
مكذبون لما في القرآن وما في السنة من إثبات أسماء الله وصفاته ،
وأيضاً يعتقدون بالحلول وأن الله تعالى حال في كل مكان تعالى الله عمّا
يقولون . فمقالاتهم تقتضي الكفر الأكبر، فتكفير السلف لهم هو من التكفير
بالكفر الأكبر، إلا من كان جاهلاً مقلداً اتبعهم وهو يظن أنهم على حق
ولم يعرف مذهبهم ولم يعرف حقيقة قولهم فهذا قد يعذر بالجهل.
هل إطلاقات السلف في تكفير أعيان الجهمية كتكفير الشافعي
لحفص الفرد حين قال بخلق القرآن فقال له الشافعي : كفرت بالله
العظيم ؛ كما نقل ذلك اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ،
وكتكفير الجهم بن صفوان وبشر المريسي والنظَّام وأبو الهذيل
العلاّف كما ذكر ذلك ابن بطة في الإبانة الصغرى … يراد منه
تكفير أعيان هؤلاء أم تكفير ألفاظهم لا أعيانهم ؟
من نطق بالكفر أو فعل الكفر فإنه يكفر بعينه ، فمن فعل الكفر أو نطق به
وهو ليس ممن يعذر بالجهل فإنه يكفر بعينه ، ونحكم عليه بالكفر .
ترد بعض الإصطلاحات في كتب أهل السنة مثل : الالتزام، الإقناع،
كفر الإعراض، فما معنى هذه المصطلحات؟
الكفر أنواع: منه كفر الإعراض وكفر التكذيب ومنه كفر الجحود، كل هذه
أنواع من الكفر، فالكفر ليس نوعاً واحداً وإنما هو أنواع . وأيضا الكفر
ينقسم إلى كفر أكبر مخرج من الملة ، وكفر أصغر لا يخرج من الملّة،
فلا بد من دراسة هذه الأمور ومعرفتها بالتفصيل، فالكفر ليس على حد سواء.
ما معنى قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
في الناقض الثالث من نواقض الإسلام : " من لم يكفر المشركين
أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو مثلهم " ؟
أي نعم هو كذلك، لأنه رضي بما هم عليه ووافقهم على ما هم عليه،
فمن لم يكفرهم أو رضي بما هم عليه أو دافع دونهم فإنّه يكون كافراً
مثلهم، لأنه رضي بالكفر وأقرّه ولم ينكره.
ما حكم من يقول : ( إن الشخص إذا لم يكفر النصارى لعدم بلوغ
{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ...}
فإنه لا يكفر حتى يعلم بالآية ) ؟
ليس تكفير اليهود والنصارى قاصراً على سورة المائدة، بل تكفيرهم كثير
في القرآن ، وأيضاً كفرهم ظاهر من أقوالهم وأفعالهم وما في كتبهم التي
يتدارسونها ، مثل قولهم : المسيح ابن الله، أو قولهم إن الله ثالث ثلاثة،
وقولهم إن الله هو المسيح ابن مريم، أو قول اليهود إن عزيراً ابن الله،
أو أن الله فقير ونحن أغنياء أو يد الله مغلولة .. أو غير ذلك مما هو
موجود في كتبهم التي في أيديهم، فكفرهم ظاهر في غير سورة المائدة.
ما الدليل على مشروعية شروط شهادة : أن لا إله إلا الله ،
من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين
وما الحكم في من يقول " تكفي شهادة أن لا إله إلا الله
بمجرد قولها دون هذه الشروط " ؟
هذا إمّا أنه مضلل، يريد تضليل الناس وإمّا أنه جاهل يقول ما لا يعلم.
فلا إله إلا الله ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله )
، أو قوله صلى الله عليه وسلم :
( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها
عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) ،
إلا بحق لا إله إلا الله .. فلم يكتف بمجرد قولهم لا إله إلا الله إذا لم
يلتزموا بحقها وهو العمل بمقتضاها ومعرفة معناها، فليست لا إله إلا الله
مجرد لفظ يقال باللسان .. ومنها تؤخذ هذه الشروط العشرة
{ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }
الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكم الإكراه في هذه الآية ؟
هذه الآية تدل على أن من نطق بكلمة الكفر مكرهاً عليها وهو غير معتقد
لها، وإنما قالها ليتخلص بها من الإكراه فإنه معذور. كما في قصة عمّار
بن ياسر رضي الله عنه لمّا أجبره المشركون على أن يسب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وآذوه وأبوا أن يطلقوه حتى يسب الرسول صلى
الله عليه وسلم ، فتكلم بلسانه بما يطلبون منه، وجاء يسأل النبي صل
ى الله عليه وسلم قال: كيف تجد قلبك؟ قال: أجد في قلبي الإيمان بالله
( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ
وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ)
فإذا قال الإنسان كلمة الكفر مكرهاًَ عليها يريد التخلص من الإكراه فقط
ولم يوافقه بقلبه فإنها رخصة رخص الله فيها للمكره، وهذه خاصة
بالمكره دون غيره. وكذلك في قوله:
( إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )
أي من الكفار ، فهذا في الإكراه ، وأما في غير الإكراه فلا يجوز موافقتهم
ولا إعطائهم ما يطلبون من كلام الكفر أومن فعل الكفر.
ما حكم موالاة الكفار والمشركين؟ ومتى تكون هذه الموالاة كفراً
أكبر مخرجاً عن الملّة؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائر الذنوب؟
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
{ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ }
فيجب معاداة الكفار وبغضهم وعدم مناصرتهم على المسلمين ، وقطع
الصلة معهم من ناحية المودة والمحبة وبغض ما هم عليه من الكفر،
كل هذا يجب على المسلم أن يقاطعهم فيه وأن يبتعد عنهم ولا يحبهم
ولا يناصرهم على المسلمين ولا يدافع عنهم ولا يصحح مذهبهم،
بل يصرح بكفرهم وينادي بكفرهم وضلالهم ويحذر منهم .
ما هي نصيحتكم لطلبة العلم لمن أراد ضبط مسائل التوحيد
والشرك ومسائل الإيمان والكفر ؟ وما هي الكتب التي تكلمت
عن هذه المسائل وفصَّلتها ؟
هذا أشرنا إليه في مطلع الأجوبة ، بأن المعتمد في هذا كتب السلف
الصالح . فعليه أن يراجع كتب سلف هذه الأمة من الأئمة الأربعة وقبلهم
الصحابة والتابعون وأتباعهم والقرون المفضلة، وهذا موجود في كتبهم
ولله الحمد ، في كتب الإيمان وكتب العقيدة وكتب التوحيد المتداولة
المعروفة عن الأئمة الكبار رحمهم الله ، مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية
، وكتب الإمام ابن القيم ، وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ..
وكتب السلف الصالح : مثل كتاب الشريعة لـلآجري ، والسنة لعبدالله
بن الإمام أحمد، والسنّة للخلال ، ومثل كتاب العقيدة الطحاوية وشرحها
للعز بن أبي العز … كل هذه من كتب أهل السنة ومن العقائد الصحيحة
الموروثة عن السلف الصالح فليراجعها المسلم. ولكن كما ذكرنا لا يكفي
الاقتصار على مطالعة الكتب وأخذ العلم عنها بدون معلم وبدون مدرس،
بل لا بد من اللقاء مع العلماء ولابد من الجلوس في حلقات التدريس،
إما الفصول الدراسية وإما في حلق العلم في المساجد ومجالس العلم،
فلا بد من تلقي العلم عن أهله سواء في العقيدة أو في غير العقيدة ،
و لكن العقيدة الحاجة أشد في هذا لأنها هي الأساس ، ولأن الغلط
والخطأ فيها ليس كالخطأ والغلط في غيرها.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد