الحق يقبل لكونه موافقاً للدليل، فلا أثر للمتكلم به في قبوله أو رفضه،
ولهذا كان أهل السنة يقبلون ما عند جميع الطوائف من الحق،
ويردون ما عندها من الباطل، بغض النظر عن الموالي منها أو المعادي:
}فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ
بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
(.. اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك,
إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )
فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحق حيث كان ومع من كان،
ولو كان مع من يبغضه ويعاديه، ورد الباطل مع من كان ولو كان
مع من يحبه ويواليه، فهو ممن هدى الله لما اختلف فيه من الحق
}وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا
اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى... {
ومن العدل فيهم قبول ما عندهم من الحق.وهكذا أدبنا القرآن الكريم
حين ساق كلام بلقيس – وقت كفرها- ثم وافقها عليه،
قال تعالى – حكاية عنها -:
} إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً
أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً {
ولما دل الشيطان أبا هريرة رضي الله عنه إلى آية الكرسي لتكون
له حرزاً من الشيطان، وذلك مقابل فكه من الأسر،
قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول:
اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً –أو قال فاجراً-
واحذروا زيغة الحكيم، قالوا: كيف نعلم أن الكافر
يقول كلمة الحق؟ قال: إن على الحق نوراً
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية –
مبيناً منهجه في التعامل مع المخالفين
له من أهل الكلام وغيرهم-:
وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله – من المتكلمين وغيرهم –
يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره،
ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به