حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْجَعْدِ
رضى الله تعالى عنهم أجمعين
قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ رضى الله تعالى عنه يَقُولُ
( ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِي
وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ
خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ
بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ )
كذا للمستملي كأنه كالفصل من الباب الذي قبله، وجعله الباقون
قوله: ( حدثنا عبد الرحمن بن يونس )
هو أبو مسلم المستملي أحد الحفاظ.
كذا هنا، وللأكثر " الجعيد " بالتصغير وهو المشهور، والسائب بن يزيد
من صغار الصحابة، وسيأتي حديثه هذا مبينا في كتاب علامات النبوة
بكسر القاف والتنوين، وللكشميهني وقع بلفظ الماضي.
وفي رواية كريمة " وجع " بالجيم والتنوين، والوقع وجع في القدمين.
قوله: ( زر الحجلة )
بكسر الزاي وتشديد الراء، والحجلة بفتح المهملة والجيم واحدة الحجال،
وهي بيوت تزين بالثياب والأسرة والستور لها عرى وأزرار، وقيل المراد
بالحجلة الطير وهو اليعقوب يقال للأنثى منه حجلة، وعلى هذا فالمراد
بزرها بيضتها، ويؤيده أن في حديث آخر " مثل بيضة الحمامة "
وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم
وأراد البخاري الاستدلال بهذه الأحاديث على رد قول من قال بنجاسة
الماء المستعمل، وهو قول أبي يوسف، وحكى الشافعي في الأم عن
محمد بن الحسن أن أبا يوسف رجـع عنه ثم رجـع إليه بعد شهرين،
وعن أبي حنيفة ثلاث روايات: الأولى طاهر لا طهور وهي رواية
محمد بن الحسن عنه وهو قوله وقول الشافعي في الجديد وهو المفتى
به عند الحنفية، الثانية نجس نجاسة خفيفة وهي رواية أبي يوسف
عنه، الثالثة نجس نجاسة غليظة وهي رواية الحسن اللؤلؤي عنه.
وهذه الأحاديث ترد عليه لأن النجس لا يتبرك به، وحديث المجة وإن لم
يكن فيه تصريح بالوضوء لكن توجيهه أن القائل بنجاسة الماء المستعمل
إذا علله بأنه ماء مضاف قيل له هو مضاف إلى طاهر لم يتغير به، وكذلك
الماء الذي خالطه الريق طاهر لحديث المجة، وأما مـن علله منهم بأنه
ماء الذنوب فيجب إبعاده محتجا بالأحاديث الواردة في ذلك عند مسلم
وغيره، فأحاديث الباب أيضا ترد عليه، لأن ما يجب إبعاده لا يتبرك به
ولا يشرب، قال ابن المنذر: وفي إجماع أهل العلم على أن البلل الباقي
على أعضاء المتوضئ وما قطر منه على ثيابه طاهر دليل قوي على
طهارة الماء المستعمل، وأما كونه غير طهور فسيأتي الكلام عليه
في كتاب الغسل إن شاء الله تعالى، والله أعلم.