قال له يوسف : أرى صورة طاهرة وروحاً طيبة لا يشبه
أرواح الخاطئين .
قال جبريل : أنا الروح الأمين , رسول رب العالمين .
قال يوسف : فما أدخلك مداخل المذنبين وأنت سيد المرسلين
وراس المقرّبين؟.
قال جبريل: أوَ لمْ تعلم – أيها الصدّيق – أن الله يُطهّر البيوت
بطُهر النبيين،وأن البقعة التي يحلون بها هي أطهر الأرَضين ؟
وقد طهّر بك السجن وما حوله يا ابن الطاهرين.
قال يوسف : كيف تشبهني بالصالحين وتسميني بأسماء
الصدّيقين ، وتـَعُدُّني مع آبائي المخلصين ، وأنا أسيرٌ بين
هؤلاء المجرمين ؟!
قال جبريل : لمْ يكلِم ( يجرح)قلبَك الجزعُ ، ولمْ يغيّر خُلـُقـَك البلاءُ الدنيا بلاءَ الآخرة ، ولمْ تُنسك نفسُك أباكَ ، ولمْ يُنسِك أبوك
ربّكَ .
وهذا الزمانُ الذي يفُكّ اللهُ به عُنُوّك( أسرك ) ، ويعتق به رقّك ، ويُبَيّن فيه للناس حكمَتَك، ، ويُصَدّق رُؤياك ، ، ويُنصفك ممن
ظلمك ، ويجمع إليك أحبتك ، ويهب لك ملك مصر ، يُمَلّكك
ملوكَها ، ويُعبّد لك جبابرتها ، ويُذِلّ لك أعزّتها ، ويُصغـّر لك
عظماءها ، ويُخدِمُك سوقَتَها ، ويُخوّلك خوَلها ، ويرحم بك
ساكنيها ، ويُلقي لك المودّة والهيبة في قلوبهم ، ، ويجعل لك
منه ، ويأخذه كربٌ شديد ، حتى يُسهره ويُذهب نومَه ، ويُعمّي
عليه تفسيره وعلى السحرة والكَهَنة ، ويعلّمك تأويله .
- كلام منمّق يدل على أن راويه متمكن في اللغة العربية تمكناً
رائعاً فجمع هذه الجمل القصيرة المترادفة ، فجلّى لنا بعض ما
بعض الجمل والتعابير في أمور نذكر بعضها :
3- ولا يليق التعبير " ، يُمَلّكك ملوكَها ، ويُعبّد لك جبابرتها ،
ويُذِلّ لك أعزّتها ، ويُصغـّر لك عظماءها ، ويُخدِمُك سوقَتَها ،
ويُخوّلك خوَلها " بمكانة نبي داعية ينشر الحق والعدل بين
الناس أن يتسلط على رقاب العباد فيتعبدهم ويستذلهم
ويستخدمهم ، ويجعلهم خولاً ... وقد ذاق مرارة الظلم والقهر ..
والنص – حقيقة – جيد السبك مرصوف العبارة ، قويّ الحبكة . وكان يوسف عليه السلام رحيماً بالناس ذا أثر صالح فيهم ،
له اليد العليا عليهم ، فسبحان الله تعالى الذي ابتلاه فرفع درجته
في الأنبياء والصدّيقين ، فكان نموذجاً رائعاً ، وأسوة صالحة .