مرض الغفلة و علاجه الرباني
الانغماس في الدنيا والشهوات ونسيان الآخرة فيجتهد الغافل في تعمير
الدنيا الفانية وتخريب الآخرة الباقية
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1)
مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) }
فالغافل يريد أن يعيش عاملا علي إشباع شهواته ،حريصا ألا يتعب جسمه
إلا في شهوته حريصا علي ألا يفقد شيئاً من ماله إلا في ملذاته ، حريصا
علي ألا يفقد لحظة من عمره إلا وهو مستريح هادئ حتى ولو علي
فهو يريد أن يعيش متمتعا بحياته علي أقصي درجة ..
هذا نوم القلب ...لأن القلب اليقظ يعلم أنه لم يخلق في هذه الدنيا لينغمس
فيها وينسى آخرته وأن هذه الدنيا قنطرة إلى الآخرة، وأن لذاتها مكدرة
نعمها منغصة ، فليست هناك لذة خالصة بدون تنغيص .. أما اللذات بدون
ولذلك لما سئل الإمام أحمد متى الراحة ؟
قال عند وضع أول قدم في الجنة
أولاً: التكاسل عن الطاعات :
وهذه العلامة من أهم العلامات ،
قال الله تعالى في شأن المنافقين :
{ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا }
سورة النساء، الآية: 142 .
ثانياً: استصغار المحرمات والتهاون بها :
قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه :
"إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقطع عليه،
وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُباب مرّ على أنفه فقال به هكذا"
بيده فوق أنفه" رواه البخاري
ثالثاً: إلف المعصية ومحبتها والجهر بها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( كل أمتي معافىً إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعملَ الرَّجلُ
بالليل عملاً ثم يُصبحُ وقد ستره الله فيقول: يا فلان،عملتُ البارحةَ
كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه )
رابعاً: تضييع الوقت من غير فائدة :
فإن الوقت نعمة، ولا يضيعه إلا غافل، لأنه لا يعرف أن الوقت هو أغلى مايملك
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ )
معرفة الله عز وجل، ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم ،
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ }
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )
ثانياً: ذكر الله تعالى على كل حال :
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه،
( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت )
فهي العلاج الناجح لعلاج غفلة القلوب،
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه:
( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" قالوا: وما رياض الجنة؟
أخرجه الترمذي وحسنه الألباني
قال خبَّاب بن الأرتِّ رضي الله عنه:
"تقرّب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لن تتقرب بشيء
"لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم"
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:
"من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله"
خامسا : الدعاء والتضرع إلى الله تعالى :
حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي قال:
( ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعةُ رحم إلا أعطاه بها
إحدى ثلاث: إما أن تُعجَّل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة،
وإما أن يُصرف عنه من السوء مثلها قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر )
سادساً: المحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين )
رواه ابن خزيمة وصححه الألباني
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما،
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال:
( من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ
عليها، لم يكن له نور ، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون
وفرعون وهامان وأبي بن خلف )
سابعا : الحرص على قيام الليل :
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
( من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب
من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين )
رواه أبو داود وصححه الألباني
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
( يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحب من شئت فإنك مفارقه،
واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به ، واعلم أن شرفُ المؤمن قيام
الليل، وأن عزُّهُ استغناؤُه عن الناس )
أخرجه الحاكم، وحسنه الألباني
ثامنا : الإكثار من ذكر الموت :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أكثروا ذكر هاذم اللذات "يعني الموت )
( أكثروا ذكر هاذِم اللذات ، فما ذكره عبد قط وهو في ضيق
إلا وَسَّعَهُ عليه، ولا ذكره وهو في سعةٍ إلا ضَيَّقَه عليه )
صحيح ابن حبان،وحسنه الألباني