الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان الستة ،
كما جاء في حديث جبريل -عليه السلام -، حين سأل النبي
- صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان
، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
( أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر،
القدر هو أن تؤمن أنه ما من شئ في الأرض ولا في السماء إلا ويعلمه
الله تعالى، فلا يحدث شيء إلا بعلمه سبحانه ، فما قدره الله يكون ،
وما لم يقدره لا يكون . وهذا ما جاء به حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
( لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ، وحتى يعلم أن
ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه )
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
فالإنسان يولد ويموت في الوقت الذي حدده الله تعالى ، وفى المكان الذي
قدره ، والله عز وجل- يعلم بحاله ومرضه ورزقه وعلمه قبل ولادته ،
وكل ذلك مسجل في اللوح المحفوظ، و كل ما في هذه الدنيا إنما يسير
حسب قدر الله- تعالى- وعلمه ، فالشمس والقمر، والإنسان والحيوان،
والنبات والمطر والريح،وغيرها من المخلوقات إنما تتحرك وتسير بتقدير
والقدر قسمان : قدر خير وقدر شر. فما كان نافعًا لنا فهو من أقدار الخير
كالإيمان والعلم والصحة ، وما كان ضارًّا لنا فهو من أقدار الشر
كالمعصية والجهل والمرض . وعلينا أن نؤمن بالقدر خيره وشره ،
وأنه سبحانه قدر الخير والشر قبل خلق الناس . فالمؤمن يعتقد أن
القدر كله من الله- تعالى- ، ولا يقع شيء في هذا الكون إلا بعلمه وتقديره
، ولا يستطيع أحد أن يخالف قدر الله- عز وجل ، خيره وشره , وتقدير
الله تعالى للشر إنما يكون لحكمة عظيمة ، فقد يقدر المرض على
العاصي ليكفر عنه من سيئاته ، وقد يقدره على الطائع ليرفع له درجاته ،
ويزيد من حسناته . وقد منح الله تعالى- الإنسان سمعًا وبصرًا وعقلاً ،
وبعث له رسوله محمدًا- صلى الله عليه وسلم- بدين الإسلام، فبين له
الخير وأمره به ، وبين له الشر ونهاه عنه. وعلى الإنسان أن يأخذ
بأسباب الخير ويبتعد عن وسائل الشر ، فلا يتقاعس أو يتواكل بل يعمل
على عمارة الكون و يعمل بجد ونشاط ؛ لأنه لا يدري كم سنة سيعيش
ولا يعرف متى سيموت. ولله –تعالى- في كل قدر حكمة ، قد نعرفها وقد
لا نعرفها ، ولذا فالمؤمن يكون مطمئنًا إلى قدر الله تعالى راضيًا في جميع
أحواله، فإذا أصابته مصيبة صبر، وإذا أصابه خير شكر.
أثر الإيمان بالقدر في سلوك الإنسان :
للإيمان بالقدر آثار عظيمة وفوائد كثيرة، منها ما يلي :
- يجعل المؤمن شجاعًا ، يقول الحق ، ويجاهد في سبيل الله –تعالى- ولا
يخاف شيئًا في سبيل ذلك ؛ لأنه يعلم أن عمره محدد .
يجعل الإنسان مسئولاً عن أعماله التي يقوم بها بإرادته واختياره ،
أمام الله عز وجل ، لذلك فإنه يحرص على أن يرضى الله- تعالى- في
كل قول أو عمل يصدر عنه ؛ حتى يفوز برضوانه سبحانه .
من آمن بالقدر عرف أن كل شيء إنما يقع وفق علم الله تعالى
- وحكمته، فإذا أصابه الضر ، فإنه يصبر ولا يجزع ، وإن أصابه الخير
والنجاح فإنه يحمد الله- تعالى- ولا يتكبر ، وبهذا يعيش مطمئنًا و سعيدًا .
يدفع الإنسان إلى العمل والأخذ بالأسباب ، ومن ثم يتوكل على الله، فترى
المسلم عاملاً نشيطًا ، يدعو إلى الخير ويقاوم الشر ، ويستثمر الأرض،
ويوظف طاقاته كلها من أجل سعادته، وسعادة الناس جميعًا