الضابط الشرعي في إعتزال الفتن
لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي
هذا سائل يسأل يقول : أثر عن السلف ، أو جاء وأثر عن السلف رحمهم
الله أنهم كانوا يعتزلون الفتن ، ويبتعدون عنها .
فما هو الضابط الشرعي في هذا ؟
وهل يسكت عن بيان الحق وإيضاحه للناس ؟
وهل السكوت عن بيان الحق وعدم إيضاحه للناس من اعتزال الفتن ؟
هذا في الفتن التي لا يعرف فيها الحق من الباطل ، الفتن المدلهمة
المظلمة ، التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين عليه الصلاة والسلام
متى يكون الاعتزال ، فما ترك اجتهاداً فيه حفظكم الله لمجتهد ،
( قال : أرأيت إن أدركني ذلك فماذا أصنع ، قال :
( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ) ، قال : فإن لم يكن لهم جماعة
ولا إمام ، قال : ( فاعتزل تلك الفرق ) .
والحمد لله جماعة المسلمين قائمة ، وإمام المسلمين قائم ، وعلماء السنة
ولله الحمد متواجدين متوافدين بن ظهرانينا ، ونسأل الله سبحانه وتعالى
أن يغفر لمن مات ، وأن يوفق ويثبت ويبارك في عمر من بقي ،
والحمد لله هذا ما هو أوانه .
فهذا ليس هو المطلوب من الحديث ، فالاعتزال حينما يكون لا يسمع لك
أحد ، كل واحد منصرف بنفسه لا يرى إلا ما يراه ولا يرى إلا رأيه ،
كل واحد معجب برأيه ، ولا يوجد من يأخذ الناس على الحق ، فحينئذ
عليك بأمرك ، فدع عنك أمر العامة كما جاء في الحديث ،وهذا لا يخفى .
مطلوب ، ولكن الإيضاح على قسمين : إيضاح خاص وإيضاح عام .
الإيضاح الخاص : أن يتكلم طالب العلم بقدر معرفته فيما يخصه ويرى
أنه يتوجب عليه إذا احتيج لذلك .
وأما الإيضاح لعامة الناس والبيان لهم خاصة في الأمور العامة التي تعم
بها البلوى : فإنما هذا يكون ممن لكلامه وقع وإذا ما قال صار له محطٌ
في السمع ، وأثر ونفع بإذن الله تعالى .
فأنت بقدر ما تستطيع على قدر طاقتك تبين للناس ما تعلم وما عدا ذلك ،
وليس معنى هذا أنني وأنت إذا فعلنا ذلك صرنا من العلماء لا لا ، ولكن
نبين ما نعلم بقدر استطاعتنا إذا توجب علينا وما استطعنا أن نفتك من هذا
، فالحمد لله يحال على من ؟ يحال على من يحال على من لكلامهم وقع
قام بتفريغه : أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد جزاه الله خيرا
الاثنين الموافق : 20 / ربيع ثاني / 1431 للهجرة النبوية الشريفة