أحاديث منسوخة في التعازير والحدود
قبل أن نذكر بعض الأحاديث المنسوخة في التعازير الحدود والأحاديث
الناسخة لها، يجدر بنا أن نشير إلى طرق معرفة الناسخ من المنسوخ،
- التصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك:
كحديث بريدة رضي الله عنه في صحيح مسلم وفيه:
( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة )
- النص على ذلك من أحد الصحابة رضوان الله عليهم:
كقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ترك الوضوء مما مست النار )
( كانوا يرون أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم
كحديث شداد بن أوس رضي الله عنه
فقد جاء في بعض الطرق أن الحديث كان في زمن الفتح، فنُسخ بحديث
( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم
وهو محرم صائم في حجة الوداع )
رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول:
( اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما تسقطان
( فرآني أبو لبابة أو زيد بن الخطاب وأنا أطارد حية فنهاني،
فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن،
فقال: "إنه قد نهى بعد ذلك عن قتل ذوات البيوت" )
دخلت على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في بيته فوجدته يصلي،
فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكاً في عراجين في
ناحية البيت، فالتفت فإذا حيّة، فوثبت لأقتلها فأشار إلي وهو يصلى أن اجلس،
فجلست فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت،
فقلت: نعم، فقال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس، فخرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله،
فاستأذن يوماً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة )،
فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته بين الناس قائمة، فأهوى
إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك
وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل فإذا بحيةٍ عظيمةٍ
منطويةٍ على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج
فركزه في الدار، فاضطربت عليه الحية، فما يُدرى أيهما كان أسرع
موتاً الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا
ذلك له وقلنا: ادع الله يحييه لنا، فقال:
( إن بالمدينة جناً قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة
أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان )
في هذين الحديثين نسخ لعموم أمر قتل الحيات، واستثناء ذوات البيوت
من العموم إلا بعد الإيذان.
نسخ الجلد للزاني المحصن وإبقاء الرجم :
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( خذوا عني، خذوا عني: قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر
جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم )
في الحديث دلالة على أن حد الزاني المحصن الجلد ثم الرجم.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه
( أن رجلا من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فاعترف بالزنا، فأعرض عنه، ثم اعترف فأعرض عنه،
حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(أبك جنون؟)، قال: لا، قال: (أحصنت؟)، قال: نعم، فأمر به
النبي صلى الله عليه وسلم فرُجِمَ بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة فر،
فأُدرك فرجم حتى مات، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح، وأصله متفق عليه.
في هذا الحديث وكذا حديث قصة ماعز والغامدية دلالة على أن حد
الزاني المحصن هو الرجم حتى الموت دون جلد، وهو ناسخ للحديث
الأول الذي ذُكر فيه أن الحد جلد مائة والرجم حتى الموت.