لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك
الجملة أعلاه ليست حديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم
محور مهم من محاورنا التي تناولها في هذه العجالة ، وهو الشماتة
بالآخرين والاستهزاء بهم والسخرية منهم ،
ما بيّن لعباده من الآداب والأخلاق الفاضلة :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ
وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ }
السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدين والدنيا وهي محرمة
ومن المعلوم أن الله تعالى جعل الناس في هذه الحياة الدنيا طبقات ،
فيخاطبنا جل وعلا بوصف الإيمان ، وينهانا أن يسخر بعضنا من بعض
لأن المفضِّل هو الله عز وجل ، وإذا كان هو الله ، لزم من سخريتك بهذا
الشخص الذي هو دونك أن تكون ساخراً بتقدير الله عز وجل ،
وإلى هذا يوحي قول الرسول عليه الصلاة والسلام :
( لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر )
( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار )
فلماذا تسخر من هذا الرجل الذي هو دونك في العلم أو في المال ، أو في
الخُلُق ، أو في الخلقة ، أو في الحسب ، أو في النسب ، لماذا تسخر منه ؟
أليس الذي أعطاك الفضل هو الله الذي حرمه هذا في تصورك فلماذا ،
{ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ } ،
رب ساخر اليوم مسخور منه في الغد ، ورب مفضول اليوم
الشماتة هي أن يُسرّ المرء بما يصيب عدوه من المصائب ،
قال الله تعالى عن نبيه موسى عليه السلام :
{ فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ }
{ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ
وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ }
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال :
( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ
وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) .
ومن الشماتة المذمومة شرعـًا
أن يتوب الله على عبدٍ من ذنبٍ ما فيأتي أخوه فيعيره به،
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك .
أنها تسخط الربَّ - تبارك وتعالى -وتدل على انتزاع الرحمة من قلوب
الشامتين ، وهي تورث العداوات، وتؤدي إلى تفكك أوصال المجتمعات،
ثم هي تعرض أصحابها للبلاء لا شكَّ أن الموت من أعظم ما يقع بالإنسان
من الابتلاء له ولمَن يتركهم بعده،
لقد قام النبي صلّى الله عليه وسلم ـ لجنازة،ولما قيل له:
" يقول الحسن البصري رحمه الله:
الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل
الشماتة لا تليق بمسلم تجاه أخيه المسلم أبدًا،لأنها من صفات الأعداء
الذين حذر الله منهم ووصفهم بقوله :
{ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط }
أي شيء من بلائك كان أشد عليك قال : شماتة الأعداء
كل المصائب قد تمر على الفتى فتهون غير شماتة الأعداء
لولا شماتة أعداء ذوي حسد أو اغتمام صديق كان يرجوني
لما طلبت من الدنيا مراتبها ولا بذلت لها عرضي ولا ديني