*كثير من الناس فرطوا في أوقاتهم، وفرطوا في أعمالهم، ومع زيادة
التفريط ضيعوا أبناءهم ومن يعولون
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }
فتربية الأبناء أُهملت إلا في بيوتٍ قد رحم الله أهلها. لقد جعل الله
-عز وجل- الأبناء من الأمانة،
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) }
فمن ضمن معاني الأمانة؛ أمانة الأهل والأولاد
يقول ابن القيم -رحمه الله-:
"فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى فقد أساء إليه غاية
الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم
وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا
بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق،
فقال: يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً، فأضعتك
شي لا شك أنه سيكون أمرا محبطا بالنسبة لك إذا اكتشفت أن طفلك يكذب.
ولكن اعلمي أن الصراخ على طفلك لن يمنعه من مواصلة الكذب بل إنه قد
يجعله يزيد سوءا في مثل هذا الأمر. ولذلك فمن المهم أن تفهمي جيدا
الأسباب التي قد تدفع طفلك للكذب مع محاولة اكتساب مهارات التواصل
اللازمة التي ستمكنك من التعامل معه وتغيير أسلوب وسلوك الكذب عنده.
وهناك العديد من الأسباب التي قد تدفع طفلك للكذب مثل
1- أنه قد يكون يحاول شد انتباهك له أو لتجنب أن يقول لك شيئا معينا
قد لا تريدين سماعه. وهناك بعض الأطفال الذين قد يلجأون للكذب وهم
في سن صغيرة مما يدفعهم لتأليف القصص والروايات.ولذلك عليك أن
تحاولي معالجة مشكلة الكذب عند طفلك منذ الصغر حتى لا تكبر
معه تلك العادة السيئة وتلازمه في حياته.
2- استمعي لطفلك وأنصتي له جيدا، فالكثير من الأمهات أحيانا قد ينسون
أن أبناءهم يحتاجون للحب والحنان والعناية والرعاية.وقد يبدأ الطفل
أحيانا في تأليف الأكاذيب لأنه يريد الحصول على انتباهك ولذلك يجب
عليك أن تخصصي بعض الوقت كل يوم للتحدث مع طفلك عن كل أحواله
3- حاولي أن تكتشفي الهدف وراء لجوء طفلك للكذب فقد يكون يريد
تجنب العقاب بسبب خطأ ارتكبه أو أنه يريد أن يظهر مهما أمام أصدقائه.
وعليك أن تعلمي أن تحديد السبب وراء كذب طفلك سيساعدك كثيرا في
تحديد ما إذا كان سلوك طفلك خطرا أم لا.
4- كوني قدوة لطفلك فيما يخص الكذب والصدق.فإذا كنت قد اعتدت كذب
كذبات بيضاء في أشياء بسيطة مثلا لتجنب إيذاء مشاعر الآخرين
أو مثلا فإنك قد تكذبين على زوجك حول عدد النقود التي قمت بإنفاقها
وأنت تتسوقين. ولكن في نفس الوقت عليك أن تعلمي أن مثل تلك الكذبات
البسيطة، ستجعل طفلك يفكر أن الكذب أمر معتاد وطبيعي في مواقف معينة
5- فكرى جيدا في الطريقة التي ستفاتحين بها طفلك في موضوع لجوئه
للكذب وحاولي ألا تهاجمي طفلك بقوة عندما تكتشفين كذبه ولكن يجب
عليك أن تتحدثي مع طفلك في الموضوع في وقت تكونين فيه هادئة لأنك
إذا فقدت أعصابك فإنك ستخلقين المزيد من المشاكل.
6-حاولي أيضا أن تكون عواقب ما يفعله طفلك منطقية حتى يستوعب
جدية فعلته. فمثلا يمكنك أن تقولي لطفلك إنه يجب عليه تنظيف غرفته
بدلا من اللعب مع أصدقائه.
7- اجلسي مع طفلك وحاولي أن تكتشفي سبب لجوئه للكذب حتى لو
حاول إنكار مثل هذا الأمر. فقد يكذب طفلك مثلا لأنه يريد أن يلعب مع
أصدقائه بدلا من إنجاز المهام المنزلية التي وكلتها إليه ولكنك تريدين أن
تعلمي سبب خوفه من مصارحتك بالحقيقة.
8- ناقشي مع طفلك أهمية بعض المفاهيم المهمة مثل الصدق والحفاظ
على كلمة واحدة وتحمل المرء نتيجة أفعاله. يجب على طفلك أن يعلم أن
الكذب يؤدى لمزيد من الكذب مما يخلق في النهاية الكثير من المشاكل
بدلا من إيجاد الحلول. على طفلك أن يفهم أنه يجب عليه إصلاح موقفه
عن طريق قول الحقيقة وتقبل نتيجة أفعاله حتى يفهم أن الكذب أمر غير مقبول.
9- عاقبي طفلك فقط إذا ثبت كذبه وعندما يكون كذب طفلك واضحا لك
فلا يجب عليك استجوابه كثيرا وكل ما عليك فعله فقط هو إعطاؤه العقاب
المناسب على ما فعله. فعلى سبيل المثال إذا سكب الطفل شيئا ما في
المطبخ وأنكر ما فعله فعليك أن تطلبي منه ببساطة أن يقوم بمسح ما سكبه.
تباين معاملة الأسر لأولادهم في ثلاثة أنواع :
النوع الأول : المعاملة القاسية :
تتسم بالشدة في التعامل كالزجر أو التهديد أو الضرب بدون ضوابط
أو حدود مشروعة، أو الإهمال للأبناء بحجة ظروف العمل، وكثرة
الأسفار، فيحرم الأولاد من البر بهم والتعامل معهم .
النوع الثاني : المعاملة اللينة :
يُلَبَّى فيها كل ما يطلبه الأولاد، ويُطلق عليها "التربية المدللة" والإفراط
في الدلال يؤدي إلى خلق شخصية فوضوية.
النوع الثالث : المعاملة المعتدلة :
تعتمد على المزج بين العقل والعواطف، وتوجيه النصح والإرشاد،
وبهذا تتكون شخصية سليمة وصحيحة، وإذا لم يستجب الأولاد بالإرشاد
والتوجيه يلجأ الأبوان إلى توبيخهم ثم هجرهم ثم حرمانهم من بعض
الأشياء والأمور المحببة إليهم أحيانًا، وأخيرًا إلى ضربهم-إذا لزم الأمر-
لإعادتهم إلى الطريق الصحيح، وهذا النوع من المعاملة هي المعاملة
الصحيحة التي ينبغي أن تسير عليها الأسرة
طفلك لا يملك الثقة بالنفس
أنت لم تعوده على البذل والعطاء!
¤ رسالة لكل أب وأم، أبنائكم أمانه¤