والمراد به العلم بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا المنافي للجهل بذلك,
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الله }
{ إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ }
أي بلا إله إلا الله وَهُمْ يَعْلَمُون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم
{ شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ
لا إِلَهَ إِلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيم }
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذِّينَ يَعْلَمُونَ وَالذِّينَ لا يَعْلَمُون إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَاب }
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ }
{ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا للنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا العَالِمُون }
وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة )
اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا
حازما, فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن, فكيف إذا دخله شك
{ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الذِّينَ آمَنُوا بِالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ الله }
{ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون }
فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا, أي لم يشكوا,
فأما المرتاب فهو من المنافقين والعياذ بالله الذين قال الله تعالى فيهم:
{ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله,
ولا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة )
( لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة )
وفيه عنه رضي الله عنه من حديث طويل
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه بنعليه فقال:
( من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله
مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة )
الحديث, فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقنا بها قلبه غير
شاك فيها, فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط
القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه, وقد قص الله عز وجل علينا
من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قبلها وانتقامه ممن ردها وأباها
{ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ
إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ
قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ
فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }
{ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ }
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ
فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }
وكذلك أخبرنا بما وعد به القابلين لها من الثواب, وما أعده لمن ردها
{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ
مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ }
{ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ }
فجعل الله تعالى علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله,
وتكذيبهم من جاء بها, فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته, بل قالوا
{ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ
مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ }
{ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ }
فكذبهم الله عز وجل ورد ذلك عليهم
عن رسوله صلى الله عليه وسلم فقال:
{ بَلْ جَاءَ بِالحَقِّ وَصَدَّقَ المُرْسَلِين }
إلى آخر الآيات, ثم قال في شأن من قبلها:
{ إِلا عِبَادَ الله المُخْلَصِين أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُوم فَوَاكِهَ
وَهُمْ مُكْرَمُون فِي جَنَّاتِ النَّعِيم }
{ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ }
وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير
أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب
الكثير, وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس
فشربوا وسقوا وزرعوا, وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي
قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ, فذلك مثل من فقه في دين
الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم, ومثل من لم يرفع
بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به )
الانقياد لما دلت عليه المنافي لترك ذلك
{ وَأَنِيبُوا إلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَه }
{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ }
{ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى }
{ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }
ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد, وهو محسن موحد ومن لم يسلم وجهه
إلى الله ولم يك محسنا فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى وهو المعني
{ وَمَن كَفَرَ فَلا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ }
وهذا تمام الانقياد وغايته
الصدق فيها المنافي للكذب, وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه,
{ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }
إلى آخر الآيات وقال تعالى في شأن المنافقين الذين قالوها كذبا:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ
يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ
فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }
وكم ذكر الله تعالى من شأنهم وأبدى وأعاد وكشف أستارهم وهتكها
وأبدى فضائحهم في غير ما موضع من كتابه كالبقرة وآل عمران والنساء
والأنفال والتوبة وسورة كاملة في شأنهم وغير ذلك
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار )
فاشترط في إنجاء من قال هذه الكلمة من النار أن يقولها صدقا من قلبه,
فلا ينفعه مجرد التلفظ بدون مواطأة القلب وفيهما أيضا من حديث أنس بن مالك
وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما من قصة الأعرابي وهو ضمام بن ثعلبة
وافد بني سعد بن بكر لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
( قال: هل علي غيرها؟ قال: "لا, إلا أن تطوع", قال:
والله لا أزيد عليها ولا أنقص منها, فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق" )
فاشترط في فلاحه ودخول الجنة أن يكون صادقا
الإخلاص وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك,
{ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }
{ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }
{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ }
{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ }
{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي }
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ
فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }
وغير ذلك من الآيات وفي الصحيح
عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم:
( أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا
وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك
وفي جامع الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ما قال عبد قط لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب
السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر )
المحبة لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها
الملتزمين لشروطها وبغض ما ناقض ذلك قال الله عز وجل:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ }
فأخبرنا الله عز وجل أن عباده المؤمنين أشد حبا له, وذلك لأنهم لم
يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعو محبته من المشركين الذين
اتخذوا من دونه أندادا يحبونه كحبه, وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه
وإن خالفت هواه, وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه, وموالاة
من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه, واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم
واقتفاء أثره وقبول هداه وكل هذه العلامات شروط في المحبة لا يتصور
وجود المحبة مع عدم شرط منها
{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا }
{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ }
فكل من عبد مع الله غيره فهو في الحقيقة عبد هواه, بل كل ما عصى الله
به من الذنوب فسببه تقديم العبد هواه على أوامر الله عز وجل ونواهيه
وقال تعالى في شأن الموالاة والمعاداة فيه:
{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }
{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء
إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ
وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء }
إلى آخر السورة وغير ذلك من الآيات
وقال تعالى في اشتراط اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم:
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ
فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله
أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله,
وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه
كما يكره أن يقذف في النار )
أخرجاه من حديث أنس رضي الله عنه وفيهما عنه
وعن أبي هريرة رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده
...وذلك الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الخبر عن الله
والأمر بما يحبه الله ويرضاه والنهي عما يكرهه ويأباه, فإذا امتثل العبد
ما أمره الله به واجتنب ما نهاه عنه وإن كان مخالفا لهواه كان مؤمنا حقا,
فكيف إذا كان لا يهوى سوى ذلك
( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه )
وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
( من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله, فإنما
تنال ولاية الله بذلك وقد أصبح غالب مؤاخاة الناس اليوم على أمر الدنيا,
وذلك لا يجدي على أهله شيئا )
وقال الحسن البصري وغيره من السلف:
ادعى قوم محبة الله عز وجل فابتلاهم الله بهذه الآية:
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ
فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }
وقال البخاري رحمه الله تعالى:
حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا فليح قال حدثنا هلال بن علي عن عطاء بن يسار
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟
قال: من أطاعني دخل الجنة, ومن عصاني فقد أبى )
قال حدثنا محمد بن عبادة أخبرنا يزيد حدثنا سليم – وأثنى عليه – حدثنا
سعيد بن ميناء حدثنا – أو سمعت – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول:
( جاءت ملائكة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو نائم فقال
بعضهم إنه نائم . وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان .
فقالوا إن لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا . فقال بعضهم إنه
نائم . وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان . فقالوا مثله
كمثل رجل بنى دارا ، وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا ، فمن أجاب
الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل
الدار ولم يأكل من المأدبة . فقالوا أولوها له يفقهها فقال بعضهم
إنه نائم . وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان . فقالوا فالدار
الجنة ، والداعي محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن أطاع محمدا
- صلى الله عليه وسلم - فقد أطاع الله ، ومن عصى محمدا -
- صلى الله عليه وسلم - فقد عصى الله ،
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - فرق بين الناس )
ومن هنا يعلم أنه لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا
رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا علم أنه لا تتم محبة الله عز وجل
إلا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه, فلا طريق إلى معرفة ما يحبه تعالى
ويرضاه, وما يكرهه ويأباه إلا باتباع ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
واجتناب ما نهى عنه, فصارت محبته مستلزمة لمحبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته, ولهذا قرن محبته بمحبة
رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن
{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ
وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }