إن عقد التأمين الحديث الذي تسرب إلينا من بلاد الغرب ، وانتشر
في بلادنا انتشارا واسعا ، وانتقل العمل به إلى فريق كبير من
المسلمين ، وأسست له شركات ، وفتحت له مكاتب ، وتعاطاه كثير
من التجار وأرباب المصانع والأعمال من المسلمين ؛ ضمانا
لسلعهم المستوردة ، وتعويضا عن أثمانها إن هلكت أو سرقت
أو عما يطرأ في أعمال البناء ، والمصانع والعمال من هدم
أو خسارة أو قتل أو أذى ، أو عما يحدث للسيارات من صدام
أو سرقة وعطب ، أو عما يعرض في حفر الآبار وشق المناجم
من انهيار تخلصا من المسئولية المالية ، أو عن حياة المستأمن
نفسه طمعا بالتعويض عنه لورثته إن مات . . أو غير ذلك من
شئون كثيرة وفيرة . وقد صنفوها ووضعوا لها الحدود والشروط ،
ورتبوا عليها الأقساط المالية كل عام ، يدفعها المستأمن للشركة
التي تنظم له عقد التأمين حسب قوانينها الموضوعة ، وقد تبنتها
الحكومات ، واعتبرت قوانينها ، فنرجو الإجابة على هذا السؤال
حول مشروعية عقد التأمين في ضوء الشريعة الإسلامية ،
وحكم العمل بهذه الشركات .
التأمين بجميع أنواعه محرم وممنوع ؛ لما يشتمل عليه من
الجهالة والغرر - اللذين لا يعفى عنهما- والمقامرة ، وأكل المال
بالباطل ، والربا ، وكل هذا قد دلت النصوص على تحريمه ،
{ وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ }
{ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ }
والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر وكذلك لا يجوز
العمل عند شركات التأمين ؛ لأن فيه إعانة لهم على الإثم .