المسألة الأولى: معنى التعزير, والتوقير, والتعظيم.
{ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ }
{ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
فيقول صاحب معجم مقاييس اللغة عن أصل هذه الكلمة: (عزر)
العين والزاء. والراء: كلمتان:
أحدهما: التعظيم والنصر. والكلمة الأخرى: جنس من الضرب. فالأولى:
النصر والتوقير كقوله تعالى: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ والأصل الآخر:
التعزير وهو الضرب دون الحد .
وفي النهاية في غريب الحديث ( أصل التعزير: المنع والرد. فكأن من
نصرته قد رددت عنه أعداءه ومنعتهم من أذاه. ولهذا قيل للتأديب الذي
هو دون الحد تعزير، لأنه يمنع الجاني أن يعاود الذنب، يقال عزرته،
وعزرته. فهو من الأضداد ) .
وجاء في تهذيب اللغة: (عزر)
{ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ }
جاء في التفسير في قوله تعالى وَتُعَزِّرُوهُ أي لتنصروه بالسيف
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ عظمتموهم. وقيل: نصرتموهم.
واللفظة تستعمل لعدة معان هي:
1- التعزير: النصر باللسان والسيف.
3- التعزير: التأديب دون الحد.
4- التعزير: التوقيف على الفرائض والأحكام .
وأما عن المعنى الشرعي المراد هنا:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما:
وَعَزَّرُوهُ يقول: (حموه ووقروه) .
(عزروه: سددوا أمره، وأعانوا رسوله ونصروه) .
وَتُعَزِّرُوهُ قال: (ينصروه) .
وَعَزَّرُوهُ (وقروه, وعظموه, وحموه, من الناس) .
وقال أيضاً بعد أن نقل قول ابن عباس ومجاهد وقتادة:
( وهذه الأقوال متقاربات المعنى، وإن اختلفت ألفاظ أهلها بها, ومعنى
التعزير في هذا الموضع: التقوية بالنصر والمعونة، ولا يكون ذلك
إلا بالطاعة والتعظيم والإجلال ) .
( التعزير: اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ) .
ب- وأما عن التوقير في اللغة:
ففي معجم مقاييس اللغة: (وقر) الواو. والقاف. والراء: أصل يدل
على ثقل في الشيء... ومنه الوقار: الحلم والرزانة .
( وقر الرجل من الوقار، يقر، فهو وقور. ووقرت الرجل: إذا عظمته,
ومنه قوله عز وجل: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ).
(وقر الرجل: بجله، والتوقير: التعظيم والترزين) .
وأما المعنى الشرعي المراد هنا:
(وَتُوَقِّرُوهُ يعني التعظيم) .
(وَتُوَقِّرُوهُ أمر الله بتسويده وتفخيمه) .
(وَتُوَقِّرُوهُ أي ليعظموه) .
( فأما التوقير فهو التعظيم والإجلال والتفخيم ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
( التوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام،
وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه
عن كل ما يخرجه عن حد الوقار ) .
( التوقير: هو الاحترام, والإجلال, والإعظام ) .
ج- وأما التعظيم في اللغة:
ففي لسان العرب (التعظيم: التبجيل: يقال لفلان عظمة عند الناس:
ولفظ (التعظيم) لا يرد في خطاب الشارع كما ورد لفظ (التعزير)
و(التوقير) لكن العلماء استعملوه في كلامهم عند هذه المسألة وذلك لقربه
في المعنى إلى ذهن السامع، ولتأديته للمعنى المراد من لفظتي (التعزير) و(التوقير).