العبودية: إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل)
ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع
أصل العبودية: الخضوع والتذلل .
ومن التعريف اللغوي السابق يمكن أن يقال عن العبادة الشرعية إنها:
الانقياد والخضوع لله تعالى على وجه التقرب إليه بما شرع مع المحبة.
أو كما عرفها ابن تيمية –رحمه الله تعالى-بقوله:
العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال
الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث
وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان
إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم
والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله
وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه
والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف لعذابه وأمثال
ذلك هي من العبادة لله وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة له
والمرضية له التي خلق الخلق لها
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }
{ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ }
وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ
فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ }
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ }
{ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }
وجعل ذلك لازما لرسوله إلى الموت قال:
{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }
وبذلك وصف ملائكته وأنبياءه فقال تعالى:
{ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ }
{ إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }
وذم المستكبرين عنها بقوله:
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
ونعت صفوة خلقه بالعبودية له
{ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا }
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا }
{ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }
{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }
وقال في وصف الملائكة بذلك:
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ
لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }
{ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا
أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا
إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا }
وقال تعالى عن المسيح الذي ادعيت فيه الإلهية والنبوة:
{ إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ }
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى )