الحسد أولًا : في القرآن الكريم
الحسد مصدره حسده يَحْسِدُه ويَحْسُدُه، حَسَدًا وحُسودًا وحَسادَةً، وحَسَّدَه:
تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته، أو يسلبهما، وحَسَدَهُ الشيءَ وعليه.
الحسد تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد
الحسد: اختلاف القلب على الناس؛ لكثرة الأموال والأملاك
وعرفه الطاهر بن عاشور فقال:
الحسد: إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير،
مع تمني زوالها عنه؛ لأجل غيرة على اختصاص الغير
بتلك الحالة، أو على مشاركته الحاسد
أولًا: في القرآن الكريم :
كما أنَّ الشيطان هو النهاية في الأشخاص المذمومة، ولهذا السبب
ختم الله مجامع الشرور الإنسانية بالحسد، وهو قوله:
{ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }
كما ختم مجامع الخبائث الشيطانية بالوسوسة
إنَّ الله جمع الشرور في هذه الآية وختمها بالحسد ليعلم
{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا
مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }
والآية تدلُّ على تحريم الحسد؛ لأنَّ مشابهة الكفار بأخلاقهم محرمة ...
والحاسد لا يزداد بحسده إلا نارًا تتلظى في جوفه؛ وكلما ازدادت نعمة الله
على عباده ازداد حسرة؛ فهو مع كونه كارهًا لنعمة الله على هذا الغير
مضاد لله في حكمه؛ لأنَّه يكره أن ينعم الله على هذا المحسود، ثم إنَّ
الحاسد أو الحسود مهما أعطاه الله من نعمة لا يرى لله فضلًا فيها؛ لأنَّه
لابدَّ أن يرى في غيره نعمة أكثر مما أنعم الله به عليه، فيحتقر النعمة.
وقيل: إنَّ هذه الآية تابعةٌ في المعنى لما تقدَّم من نَهْيِ اللهِ عزَّ
وجلَّ عن متابعة أقوال اليهود في:
وغيره، وأنهم لا يودُّون أن ينزل على المؤمنين خيرٌ، ويودُّون أن يردوهم
كفارًا من بعد ما تبيَّن لهم الحق، وهو نبوءة محمَّد صلَّى الله عليه وسلم.
{ حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم }
ليبين أنَّ حسدهم لم يكن عن شبهة دينية، أو غيرة على حقٍّ يعتقدونه،
وإنما هو خبث النفوس، وفساد الأخلاق، والجمود على الباطل،
{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ
فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا }
وهذا هو الحسد بعينه الذي ذمَّه الله تعالى .
مفيدة للانتقال من توبيخهم بما سبق إلى توبيخهم بالحسد
الذي هو شرُّ الرذائل وأقبحها؛ لاسيما على ما هم بمعزل من استحقاقه –
{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ
لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ
وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }
قال القرطبي في تفسير هذه الآية:
والحسد مذموم، وصاحبه مغموم، وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار
الحطب ... ويقال: الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب
عصي به في الأرض، فأما في السماء فحسد إبليس لآدم،
وأما في الأرض فحسد قابيل لهابيل
قيل: لا ينبغي أن يتمنى الرجل مال غيره ومنزل غيره، فإِن ذلك هو الحسد