[ إيَّاك وحمية الأوغاد قيل: وما هي؟
قال: يرون العفو مغرمًا، والتحمل مغنمًا ]
[ هل لك في الإنصاف، أو ما هو خير من الإنصاف؟
فقال: وما هو خير من الإنصاف؟
[ العفو زكاة النفس. وقيل: لذة العفو أطيب من لذة التشفي؛
لأنَّ لذة العفو يلحقها حمد العاقبة، ولذة التشفي يلحقها ذم الندم ]
[ أي شيء أنت أسرُّ به مما ملكت؟
فقال: مكافأة من أحسن إلي بأكثر من إحسانه،
وعفوي عمن أساء بعد قدرتي عليه ]
[ العفو يزين حالات من قدر، كما يزين الحلي قبيحات الصور ]
[ الواجب على العاقل لزوم الصفح عند ورود الإساءة عليه من العالم بأسرهم؛
رجاء عفو الله جلَّ وعلا عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه؛
لأنَّ صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء،
وصاحب العقاب، وإن انتقم، كان إلى الندم أقرب،
فأمَّا من له أخ يوده، فإنَّه يحتمل عنه الدهر كله زلاته ]
[ ما ذبَّ عن الأعراض كالصفح والإعراض ]
[ أحسن المكارم عفو المقتدر، وجود المفتقر ]
[ الواجب على العاقل توطين النفس على لزوم العفو عن الناس كافة،
وترك الخروج لمجازاة الإساءة، إذ لا سبب لتسكين الإساءة أحسن من الإحسان،
ولا سبب لنماء الإساءة وتهييجها أشد من الاستعمال بمثلها ]
[ من أراد الثواب الجزيل، واسترهان الود الأصيل، وتوقع الذكر الجميل،
فليتحمل من ورود ثقل الردى، ويتجرع مرارة مخالفة الهوى،
باستعمال السنة التي ذكرناها في الصلة عند القطع، والإعطاء عند المنع،
والحلم عند الجهل، والعفو عند الظلم؛ لأنَّه من أفضل أخلاق أهل الدين والدنيا ]
وقيل للمهلب بن أبي صُفرة:
[ ما تقول في العفو والعقوبة؟
قال: هما بمنزلة الجود والبخل، فتمسك بأيهما شئت ]