حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله :
يوضح لنا أن أعمال الجوارح ناشئة من نبع نفس تحرك الجوارح ؛
و حين تصلح النفس ؛ تصبح الجوارح مستقيمة ؛ و حين تفسد النفس
تصير الجوارح غير مستقيمة .
الحق سبحانه و تعالى أخضع كل الجوارح لمرادات النفس ، فلو كانت
النفس مخالفة لمنهج الله ؛ فاللسان خاضع لها ؛ و لا ينطق رغم إرادته
بالتوحيد ؛ لأن النفس التي تديره مخالفة للإيمان .
و المثل : هم هؤلاء الذين نسبوا الرسل الذين اختارهم الله ؛ فادعوا
أنهم أبناء الله ؛ و سبحانه منزه عن ذلك ؛ أما إذا كانت النفس مؤمنة
فهي تأمر اللسان أن يقول كلمة التوحيد ؛ و يسعد هو بذلك ؛ لكنه
في الحالتين لا يعصي النفس التي سخره لها الله .
و هكذا تكون الجوارح منفعلة لإرادة صاحبها ، و لا تنحل الإرادة البشرية
عن الجوارح إلا حين يشاء الله ذلك في اليوم الآخر ، و في الموقف الحق .
و لحظتها لن يستطيع أحد أن يسيطر على جوارحه؛ لأن الملك يومئذ للواحد
القهار ؛ و سقطت ولاية الفرد على جوارحه ؛ و تشهد هذه الجوارح على
صاحبها بما فعلته وقت أن كانت مقهورة لإرادته .و هكذا نعلم أن التغيير
كل في النفس التي تدير الجوارح .
{إن الله لا يغير ما بقوم ... }
يدلنا أنه سبحانه لا يتدخل إلا إذا عنت الأمور ؛ وفسد كل المجتمع ؛
و اختفت النفس اللوامة من هذا المجتمع ؛ و اختفى من يقدرون على
الردع و لو بالكلمة من هذا المجتمع ؛ هنا يتدخل الحق سبحانه .
و حين يغير الناس ما بأنفسهم ، و يصححون إطلاق الإرادة على الجوارح ؛
فتنصلح أعمالهم ؛ و إياكم أن تظنوا أن هناك شيئا يتأبى على الله