تلعب المشاعر والروابط القلبيَّة دورًا هامًا ومؤثرًا في العمل الدعويّ،
فالدعوة تقوم أساسًا على :
الحبِّ المتبادل بين الداعية ومن يدعوه، والعلاقة الوثيقة بينهما
هي القناة التي تصل بقلبيهما،ولا يستطيع داعية أن يُكسِب مدعوًا قيمةً
أو خُلقًا أو مفهومًا إلا من خلال هذه العلاقة القلبيَّة التي تربطه بالمدعو.
ولذلك تكتسب المهارات الاجتماعيَّة
أهميَّة خاصَّة في حياة الداعية ،
إذ هي الوسيلة التي يبني بها الجسر القلبي بينه وبين من يدعوه.
ومن أهم المهارات الاجتماعيَّة التي تساعد الداعية على بناء جسور
المودَّة والألفة مع من يدعوه مهارة الإنصات الجيَّد للآخرين،
فبالإنصات الجيَّد يستطيع الداعية :
أن يتعرَّف على الظروف والأوضاع المحيطة بمن يدعوه؛وهو ما يساعده
على اختيار أفضل الطرق وأنسب الوسائل لغزو قلبه. كذلك يساعده
الإنصات الجيَّد على فهم الأساليب التي يفكِّر بها من حوله؛فيمنحه ذلك
قدرة أفضل على حسن التفاهم والتعامل معهم.أضف إلى ذلك أنَّ الإنصات
الجيَّد يمنح صاحبه نوعًا من الهيبة ويجعله يبدو في أعين الناس
كما أنَّ الإنصات الجيَّد يلبي حاجةً هامةً لمن
يحيطون بالداعية، ألا وهي تطلُّعهم إلى من يستمع إليهم؛ وهو ما يعمّق
محبَّتهم له ويعزز مكانته في قلوبهم. وها هو الداعية الأول سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا درسًا في حسن الإنصات،وذلك حينما جاءه
عُتبةَ بن ربيعة يساومه على دينه ودعوته فقال:
( يا ابن أخي، إنك منّا حيث علمتَ من السلطة في العشيرة،
والمكان في النسب،وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرَّقت به
جماعتهم، وسفَّهت به أحلامَهَم،وعِبْتَ به آلهتهم ودينهم، وكفَّرتَ
به مَنْ مَضَى من آبائهم،فاسمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها
لعلك تقبل منها بعضها… ومضى في كلامه طويلاً والنبي يسمع
وينصت له،حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يستمع منهقال: "أفرغت يا أبا الوليد؟" قال: نعم، قال:
هكذا يستمع النبي صلى الله عليه وسلم ويحسن الإنصات
لمن جاء ليرده عن دينه ويساومه عليه.فليكن لنا قدوة في النبي
صلى الله عليه وسلم،ولنتعلم منه أن ننصت لمن يتحدَّث إلينا حتى
وإن كنَّا لا نوافقه على ما يقول.
وهذا ما نرجو أن نساعدك عليه من خلال الاستبيان التالي
الذي يمكنك بالإجابة على أسئلتهأن تعرف
أين أنت من فن الإنصات الجيَّد.
كن صادقًا مع نفسك أثناء إجابتك،
فليس أحد يطلع عليك إلا الله عزَّ وجلَّ،
واختر الخانة التي توافقك في العبارات التالية:
1- أُنصت لمن يخاطبني بنيَّة الفهم العميق لما يقول
2- أوجِّه أسئلةً استفساريةً بين الحين والآخر لمن يخاطبني
3- أشغل نفسي بالرَّد على من يخاطبني أثناء حديثه إليَّ
4- لا يضيق صدري بكلام الآخرين مهما كان مزعجًا أو غير منطقي
5- أهتم بأسلوب وطريقة من يخاطبني بقدرٍ يفوق اهتمامي
6- لا أفكِّر في شيءٍ آخر أثناء إنصاتي للآخرين
7- أجتهد في فهم كلام من يخاطبني من خلال رؤيته ومشاعره هو
8- قد أصدر بعض الأحكام على كلام من يخاطبني أثناء حديثه معي
9- أنصت لمن يخاطبني بهدف الاستفادة من كلامه
10- لا أقاطع من يخاطبني حتى ينتهي من حديثه تمامًا
11- أهتم بملاحظة تعبيرات وجه من يخاطبني وحركات جسده
12- قد أدوِّن بعض الملاحظات والأفكار الرئيسيَّة أثناء الإنصات
هنيئًا لك إتقانك لمهارات وفنون الإنصات،وعليك أن تستثمر
هذه المهارات في غزو قلوب من حولك؛ لتساعدهم على
الالتزام بتعاليم الإسلام.
إنصاتك جيَّد، واجتهد في استكمال بعض ما لم يكتمل لديك من فنون
الإنصات حتى تتمكَّن من التفاعل مع من حولكوالتأثير فيهم بصورة
ابحث عن نقاط ضعفك في العبارات السابقة،واجتهد في تنميتها
حتى لا ينفر منك الناس، وينفض عنك من حولك.
ولكن لا تيأس وابدأ في تعلم مهارات الإنصات.