حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَتْنِي
أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لأم المؤمنين السيدة / عَائِشَةَ /
رضى الله تعالى عنها وعن أبيها
( أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلَاتَهَا إِذَا طَهُرَتْ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ
كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَأْمُرُنَا بِهِ
أَوْ قَالَتْ فَلَا نَفْعَلُهُ )
قوله: ( حدثتني معاذة )
هي بنت عبد الله العدوية، وهي معدودة في فقهاء التابعين،
ورجال الإسناد المذكور إليها بصريون.
قوله: ( أن امرأة قالت لعائشة )
كذا أبهمها همام، وبين شعبة في روايته عن قتادة أنها هي معاذة الراوية.
أخرجه الإسماعيلي من طريقه، وكذا لمسلم من طريق عاصم وغيره
وصلاتها بالنصب على المفعولية، ويروى أتجزئ بضم أوله والهمز، أي
أتكفي المرأة الصلاة الحاضرة وهي طاهرة ولا تحتاج إلى قضاء الفائتة
في زمن الحيض؟ فصلاتها على هذا بالرفع على الفاعلية، والأولى أشهر.
الحروري منسوب إلى حروراء بفتح الحاء وضم الراء المهملتين وبعد
الواو الساكنة راء أيضا، بلدة على ميلين من الكوفة، والأشهر أنها بالمد.
قال المبرد: النسبة إليها حروراوي، وكذا كل ما كان في آخره ألف تأنيث
ممدودة، ولكن قيل الحروري بحذف الزوائد، ويقال لمن يعتقد مذهب
الخوارج حرورى لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي بالبلدة المذكورة
فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرق كثيرة، لكن من أصولهم المتفق عليها
بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا، ولهذا
استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار، وزاد مسلم في رواية عاصم
عن معاذة فقلت: لا ولكني أسأل، أي سؤالا مجردا لطلب العلم لا للتعنت،
وفهمت عائشة عنها طلب الدليل فاقتصرت في الجواب عليه دون التعليل،
والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر فلم
يجب قضاؤها للحرج بخلاف الصيام، ولمن يقول بأن الحائض مخاطبة
بالصيام أن يفرق بأنها لم تخاطب بالصلاة أصلا.
وقال ابن دقيق العيد: اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء
بكونها لم تؤمر به يحتمل وجهين: أحدهما أنها أخذت إسقاط القضاء
من إسقاط الأداء فيتمسك به حتى يوجد المعارض وهو الأمر بالقضاء
كما في الصوم، ثانيهما - قال وهو أقرب - أن الحاجة داعية إلى بيان هذا
الحكم لتكرر الحيض منهن عنده صلى الله عليه وسلم، وحيث لم يبين دل
على عدم الوجوب، لا سيما وقد اقترن بذلك الأمر بقضاء الصوم
كما في رواية عاصم عن معاذة عند مسلم.
قوله: ( فلا يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله )
كذا في هذه الرواية بالشك، وعند الإسماعيلي من وجه آخر
( فلم نكن نقضي ولم نؤمر به )
والاستدلال بقولها فلم نكن نقضي أوضح من الاستدلال بقولها فلم نؤمر به
لأن عدم الأمر بالقضاء هنا قد ينازع في الاستدلال به على عدم الوجوب،
لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء.والله أعلم.