من أخلاق النبي صلى الله عليه و سلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم على خلق عظيم
كما شهد له بذلك المولى تبارك وتعالى:
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم ٍ}
وقد وصفته ألصق الناس به وأكثرهم به مخالطة زوجته عائشة
أم المؤمنين رضي الله عنها
( حين سُئلت عن خُلقه فقالت:كان خُلُقه القرآن )
أي أن كل الصفات الحميدة التي دعا إليها القرآن قد اتصف بها النبي
صلى الله عليه وسلم وكل الصفات الذميمة التي نهى عنها القرآن تركها
النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن صفات النبي صلى الله عليه وسلم :
كان من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الحلم وكظم الغيظ، وكان ينهى
( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الحلم ويُثني على من اتصف به
فقد قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس:
( إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله: الحلم،والأناة )
ومما يدل على حلمه صلى الله عليه وسلم:
( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدُ
نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة.
قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم
وقد أثّرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد مُرْ
لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء )
رواه البخاري ومسلم. جبذ: جذب.
التواضع خلق كريم يبعث على محبة الناس للعبد المتواضع ويرفعه الله
عند الناس كما يعلي درجته في الآخرة.ونظراً لأهمية التواضع فقد وردت
نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تحبّب في التواضع وترغب فيه وتحض
عليه وتؤكد للمتواضعين أنهم كلما تواضعوا امتثالاً لأمر الله كلما ازدادوا
( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )
والتواضع هو الدواء الناجع لآفة البغي والفخر والتكبر.
( إن الله أوضى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد
وقد كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية مثالاً حياً للتواضع
وخفض الجناح، ولين الجانب وسماحة النفس
{ واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين }
ولا أدلّ على ذلك من أنه صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة فاتحاً كان
في قمة التواضع والخشوع لله عز وجل ولم تلهه نشوة الانتصار ولا
فرحة التغلب على الأعداء عن هذه الخصلة الكريمة كما يفعل الكفرة
يجوز المزاح والمداعبة بالكلام من أجل غرس السرور والمؤانسة
في نفوس الناس واستمالة القلوب لكن في حدود الحق والصدق وتجنب
إيذاء الغير وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
( قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا؟
قال: "إني وإن داعبتكم فلا أقول إلا حقا ً")
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وعن أنس: أن رجلاً قال:
( يا رسول الله احملني؟فقال صلى الله عليه وسلم:
(إنا حاملوك على ولد الناقة :
قال الرجل: وما أصنع بولد الناقة؟فقال النبي
صلى الله عليه وسلم:وهل تلد الإبل إلا النوق )
رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
ينبغي للمسلم أن يعامل أخاه بالرفق واللين فلا يغلظ في قول ولا يقسو
في معاملة وقد اتصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأدب فكان من
أسباب محبة الناس له وجمعهم عليه
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }
ومما يدل على لينه ورفقه بالناس صلى الله عليه وسلم
( بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه وأريقوا على بوله سّجْلاً
من ماء أو ذنوباً من ماء فإنما بُعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسّرين )
5. أثر حسن الخلق في نشر الإسلام:
إن حسن الخُلُق يرفع منزلة صاحبه في الدنيا ويرجح كفة ميزانه
في الآخرة إذ هو أثقل شيء في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة
فقد قال صلى الله عليه وسلم:
( ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة
من حسن الخُلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيّ )
رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
ومن ثمَّ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد على أهميته للصحابة
الكرام، ويحضهم على التجمل به ويحببه إلى نفوسهم بأساليب شتى
من قوله وفعله إدراكاً منه لأثره الكبير في تهذيب الطباع وتزكية النفوس
وتجميل الأخلاق. وقد كان للرفق والسماحة والكلمة الطيبة والإحسان إلى
الناس والرحمة بهم وغير ذلك من الأخلاق الحميدة الأثر القوي في انتشار
الإسلام في ربوع المعمورة فقد روى لنا التاريخ أن كثيراً من الشعوب في
جنوب آسيا كشعوب الفلبين وماليزيا وأندونيسيا وغيرهم إنما دخلوا في
الإسلام نتيجة احتكاكهم بالمسلمين وتعرفهم على أخلاقهم الفاضلة التي
كانوا يتعاملون بها معهم مما جعلهم يتأثرون بأخلاقهم ويتأسون بهم الأمر
الذي أدى إلى دخوله في دين الإسلام جملة من غير إكراه ولا قتال.
ولا شك أن الفطر السليمة تهتدي إلى الخير وتنجذب إلى ما يدعو