عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( بَيْنَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهِيَ تُرْضِعُهُ"
فَقَالَتْ :"اللَّهُمَّ لَا تُمِتْ ابْنِي حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا"
فَقَالَ:"اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ" ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْيِ
وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا فَقَالَتْ :
"اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا"
فَقَالَ:"اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا"
فَقَالَ:" أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا
تَزْنِي وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَيَقُولُونَ تَسْرِقُ وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ )
رواه البخاري في صحيحه 3207 واللفظ له
( بَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ
وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ فَقَالَتْ أُمُّهُ :"اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذَا"
فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ :"اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ"
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ قَالَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ
بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ فِي فَمِهِ فَجَعَلَ يَمُصُّهَاقَالَ وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ
وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ زَنَيْتِ سَرَقْتِ وَهِيَ تَقُولُ :
"حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"فَقَالَتْ أُمُّهُ :"اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا"
فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا.فَقَالَ :"اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا"
فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَفَقَالَتْ :"حَلْقَى مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ
فَقُلْتُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ فَقُلْتَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ وَمَرُّوا
بِهَذِهِ الْأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ زَنَيْتِ سَرَقْتِ فَقُلْتُ
اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا؟؟؟!!"
قَالَ :"إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا فَقُلْتُ:" اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ"
وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ وَسَرَقْتِ
وَلَمْ تَسْرِقْ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا")
بِالْفَاءِ النَّشِيطَة الْقَوِيَّة
(3) اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِثْلهَا:
أَيْ اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي سَالِمًا مِنْ الْمَعَاصِي كَمَا هِيَ سَالِمَة
وَلَيْسَ الْمُرَاد مِثْلهَا فِي النِّسْبَة إِلَى بَاطِل تَكُون مِنْهُ بَرِيًّا .
(4) فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيث:
أَقْبَلَتْ عَلَى الرَّضِيع تُحَدِّثهُ ، وَكَانَتْ أَوَّلًا لَا تَرَاهُ أَهْلًا لِلْكَلَامِ
فَلَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْكَلَام عَلِمَتْ أَنَّهُ أَهْل لَهُ، فَسَأَلْته، وَرَاجَعْته
أي حَلَقَهَا اللَّه وَقِيلَ : مَشْئُومَة عَلَى أَهْلهَا . وَعَلَى كُلّ قَوْل فَهِيَ كَلِمَة كَانَ
أَصْلهَا مَا ذَكَرْنَاهُ ، ثُمَّ اِتَّسَعَتْ الْعَرَب فِيهَا فَصَارَتْ تُطْلِقهَا وَلَا تُرِيد حَقِيقَة
مَا وُضِعَتْ لَهُ أَوَّلًا ، وَنَظِيره تَرِبَتْ يَدَاهُ ، وَقَاتَلَهُ اللَّه مَا أَشْجَعه
وَمَا أَشْعَره . وَاَللَّه أَعْلَم .
· فيه َأَنَّ اللَّه تَعَالَى َقَدْ يَجْرِي عَلَى أَوْلِيَائِهِ الشَّدَائِد في بَعْض الْأَوْقَات
زِيَادَة فِي أَحْوَالهمْ ، وَتَهْذِيبًا لَهُمْ ، فَيَكُون لُطْفًا.
· فيه أنّ المسلم لا يغتر بالظواهر...فلرب رجل معظم عند الناس في
الدنيا مهانٍ في الآخر.ورب أشعث أغبر ذو طمرين مدفوع في الأبواب
· ونحن نؤمن بأن الرضيع تكلم لأن الذي أخبرنا بذلك الصادق
المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ