عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها و عن أبيها
 
 أن رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قال :
 
" من مات وعليه صيام صام عنه وليه "([1])
[ رواه البخاري و مسلم ]
***    ***   ***
الحديث دليل على أن من مات و عليه صوم واجب 
فإنه يشرع لوليه أن يقوم بقضاء الصوم عن قريبه ؛ 
لأنه إحسان إليه و بر و صلة ، و يبرأ به إن شاء الله .
و الحديث عام في كل صوم واجب على الميت . 
سواء كان واجباً بالشرع كصوم رمضان ، أو واجباً بالنذر ، و هذا على أحد القولين .
 و قد ورد عن أبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : 
جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم فقالت :
 يا رسول الله ، إن أمي ماتت و عليها صوم نذر . أفأصوم عنها ؟ ، 
قال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم : 
" أرأيت لو كان على أمّك دين فقضيتيه أكان ذلك يؤدى عنها ؟ ". 
قالت : نعم ، 
قال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم :
 " فصومي عن أمك " .
و في رواية قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم فقال
 يا رسول الله إن أمي ماتت و عليها صوم شهر ، أفأقضيه عنها ؟ ، 
فقال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم :
 " لو كان على أمّك دين أكنت قاضيه ؟ " 
قال : نعم ، 
قال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
 " فدين الله أحق أن يقضى " ) .
و في رواية قال : إن أختي ماتت ([2]) .
فهذه الروايات تفيد أن الرسول صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم 
سئل عن صوم النذر ، وسئل عن صوم شهر . و هو محتمل أن يكون رمضان أن يكون نذراً ،
 و في كلها يقول : ( فدين الله أحق أن يقضى ) 
مما يدل على تعدد الواقعة . 
و أن حديث ابن عباس فرد من أفراد القاعدة العامة التي دل عليها 
حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها و عن أبيها ، 
و أنه في كل صيام وجب على الميت و تمكن في حياته من قضائه و لم يصمه ،
 فهذه الأفراد صور مستقلة سأل عنها من وقعت له .
 و في كل صورة يأتي الجواب بالأمر بالقضاء .
و المراد بالولي في الحديث : وارثه أو قريبه . و الوارث أولى القرابة 
و هذا الأمر في الحديث على قول الجمهور أمر إستحباب و إرشاد لا أمر إيجاب ،
 إذ لو قلنا بالإيجاب للزم أن يأثم الولي بعدم صيامه عن الميت ، و هذا غير صحيح ؛
 لقوله تعالى : 
 } ولا تزر وازرة وزر أخرى { ([3]) .
و يؤيد ذلك أن الرسول صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قاسه على الدين ،
 و من المعلوم أن الإنسان ليس مطالباً بقضاء دين غيره إلا من باب البر و الصلة و الإحسان .
 لأن الأصل براءة الذمم . فينبغي للقريب أن يصوم عن قريبه .
و لو صام عدد من الأشخاص بعدد الأيام أجزأ ، 
قال البخاري : قال الحسن : ( إن صام عنه ثلاثون رجلاً يوماً واحداً جاز ) ([4]) .
و إذا لم يصم القريب عن الميت فإنه يطعم عنه من تركته عن كل يوم مسكيناً ، 
لكل مسكين مدّ برّ من البر الجيد ، و مقداره (563) جراماً تقريباً ، لأنه دين تعلق بتركته ،
 و دين الله أحق أن يقضى . 
و إن جمع الولي مساكين بعدد الأيام التي على الميت و أشبعهم جاز ، 
لما ورد عن أنس رضي الله عنه أنه ضعف عن الصوم عاماً 
فصنع جفنة ثريد و دعا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم ([5]) ، 
فإن لم يكن له تركة و تبرع أحد بالإطعام عنه أجزأ ، 
و إن لم يتبرع أحد عنه فأمره إلى الله تعالى . و الله أعلى و أعلم و أجّل .
اللهم توفنا مسلمين ، و ألحقنا بالصالحين ، غير خزايا و لا مفتونين ، 
اللهم أغفر ذنوبنا ، و أستر عيوبنا ، و أجعل  صومنا مقبولاً ، و ثواب أعمالنا موفوراً .
 و صلى اللهم و سلم و بارك على نبينا عبدك و رسولك و حبيبك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
و أخيراً نشكر فضيلة الشيخ / عبد الله بن صالح الفوزان – على ما قدمه لنا من :
أحاديث الصيام - أحكام وآداب
تأليف : عبد الله بن صالح الفوزان
المدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - فرع القصيم