حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ رضى الله تعالى عنهم أجمعين
حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ رضى الله تعالى عنه قَالَ
( سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ الْمِنْبَرُ فَقَالَ مَا بَقِيَ بِالنَّاسِ
أَعْلَمُ مِنِّي هُوَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ عَمِلَهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانَةَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عُمِلَ وَوُضِعَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ
كَبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَكَعَ النَّاسُ خَلْفَهُ
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ
ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى
حَتَّى سَجَدَ بِالْأَرْضِ فَهَذَا شَأْنُهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَأَلَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ أَعْلَى مِنْ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَعْلَى
مِنْ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ
كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كَثِيرًا فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا )
قوله: ( حدثنا علي بن عبد الله )
هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وأبو حازم هو ابن دينار.
قوله: ( ما بقي بالناس )
وللكشميهني في الناس (أعلم مني) أي بذلك.
بفتح الهمزة وسكون المثلثة شجر معروف، والغابة بالمعجمة والموحدة
موضـع معروف من عوالي المدينة.
قوله: ( عمله فلان مولى فلانة )
اختلف في اسم النجار المذكور كما سيأتي في الجمعة، وأقربها ما رواه
أبو سعيد في " شرف المصطفى " من طريق ابن لهيعة عن عمارة بن غزية
عن عباس بن سهل عن أبيه قال: كان بالمدينة نجار واحد يقال له ميمون
فذكر قصة المنبر.وأما المرأة فلا يعرف اسمها لكنها أنصارية.
ونقل ابن التين عن مالك: أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة، فيحتمل أن
يكون في الأصل مولى امرأته ونسب إليه مجازا، واسم امرأته فكيهة
بنت عبيد بن دليم، وهي ابنة عمه، أسلمت وبايعت، فيحتمل أن تكون
هي المرادة.لكن رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن ابن عيينة فقال:
مولى لبني بياضة.وأما ما وقع في الدلائل لأبي موسى المديني نقلا
عن جعفر المستغفري أنه قال: في أسماء النساء من الصحابة علاثة
بالعين المهملة وبالمثلثة، ثم ساق هذا الحديث من طريق يعقوب بن عبد الرحمن
عن أبي حازم قال: وفيه أرسل إلى علاثة امرأة قد سماها سهل، فقد قال
أبو موسى: صحف فيه جعفر أو شيخه، وإنما هو " فلانة"، انتهى.
ووقع عند الكرماني قيل: اسمها عائشة، وأظنه صحف المصحف،
ولو ذكر مستنده في ذلك لكان أولى.ثم وجدت في الأوسط للطبراني
من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن يصلي إلى سارية
في المسجد ويخطب إليها ويعتمد عليها، فأمرت عائشة فصنعت له منبره
هذا، فذكر الحديث وإسناده ضعيف.ولو صح لما دل على أن عائشة
هي المرادة في حديث سهل هذا إلا بتعسف، والله أعلم.
والغرض من إيراد هذا الحديث في هذا الباب جواز الصلاة على المنبر،
وفيه جواز اختلاف موقف الإمام والمأموم في العلو والسفل، وقد صرح
بذلك المصنف في حكايته عن شيخه علي بن المديني عن أحمد بن حنبل.
ولابن دقيق العيد في ذلك بحث، فإنه قال: من أراد أن يستدل به على جواز
الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم، لأن اللفظ لا يتناوله، ولانفراد
الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بد منه، وفيه دليل
على جواز العمل اليسير في الصلاة كما سيأتي في موضعه.
أي قال علي لأحمد بن حنبل.
قوله ( فلم تسمعه منه؟ قال: لا )
صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من ابن عيينة.
وقد راجعت مسنده فوجدته قد أخرج فيه عن ابن عيينة بهذا الإسناد
من هذا الحديث قول سهل " كان المنبر من أثل الغابة " فقط، فتبين أن
المنفي في قوله " فلم تسمعه منه؟ قال: لا " جميع الحديث لا بعضه،
والغرض منه هنا وهو صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر داخل
في ذلك البعض، فلذلك سأل عنه عليا، وله عنده طريق أخرى من رواية
عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه.وفي الحديث جواز الصلاة على الخشب،
وكره ذلك الحسن وابن سيرين، أخرجه ابن أبي شيبة عنهما.وأخرج أيضا
عن ابن مسعود وابن عمر نحوه وعن مسروق أنه كان يحمل لبنة ليسجد
عليها إذا ركب السفينة، وعن ابن سيرين نحوه.والقول بالجواز هو المعتمد.