{ وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى }
ما المقصود من قوله تعالى ووجدك ضالا فهدى
{ وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى }
قيل: ضالاً عن النُّبوة فهداك إليها وقيل: وجدك بين أهل الضَّلال فعصمك
من ذلك وهداك للإيمان وإلي إرشادهم وقيل: ضالاً عن شريعتك - أي لا
تعرفها - فهداك إليها والضلال هاهنا التحير ولهذا كان صلى الله عليه وسلم
يخلو بغار حراء طلباً لما يتوجه به إلى ربِّه ويتشرع به حتي هداه الله إلى
الإسلام وقيل: لا تعرف الحقَّ فهداك إليه وهذا مثل قوله تعالى
{ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ }
ووجدك ضالا عن محبته في الأزل – أي: لا تعرفها - فَمَنَنْتُ عليك بمعرفتي
{ وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى }
(ووجدك ضالاً، أي: محبًّا لمعرفتي) والضَّالُّ: المُحِبُّ كما قال
{ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ }
أي: محبتك القديمة لم يريدوا هاهنا في الدين إذ لو قالوا ذلك في نَبِيِّ الله
{ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }
أي: محبَّة بيِّنة وقالوا: ووجدك متحيِّراً في بيان ما أنزل إليك فهداك لبيانه
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ }
وقيل: ووجدك لم يعرفك أحدٌ بالنِّبُوَّة
حتي أظهرك فهدي بك السعداء
{ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ }
والصحيح أن معناه: ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن ولا كيف
تدعو الخلق إلى الإيمان وقال بعضهم{وَلَا الْإِيمَانُ} الذي هو الفرائض
والأحكام فكان قبل مؤمناً بتوحيده ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها
قبل فزاد بالتكليف إيماناً وهو أحسن وجوهه ومن ذلك قوله تعالي:
{ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ }
{ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا }
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ }
بل حكي أبو عبد الله الهروي أن معناه: لمن الغافلين عن قصة يوسف
إذ لم تعلمها إلا بِوَحْيِّنَا