تركّز على بيان حقيقة الإنسان بلا إيمان
أقسم الله تبارك وتعالى بالخيل، لما فيها من آيات الله الباهرة، ونعمه
الظاهرة، ما هو معلوم للخلق.وأقسم [تعالى] بها في الحال التي لا
يشاركها [فيه] غيرها من أنواع الحيوانات، فقال:
{ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا }
أي: العاديات عدوًا بليغًا قويًا، يصدر عنه الضبح، وهو صوت نفسها
في صدرها، عند اشتداد العدو .
بحوافرهن ما يطأن عليه من الأحجار
أي: تقدح النار من صلابة حوافرهن [وقوتهن] إذا عدون،
وهذا أمر أغلبي، أن الغارة تكون صباحًا.
أي: توسطن به جموع الأعداء، الذين أغار عليهم
{ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ }
أي: لمنوع للخير الذي عليه لربه .فطبيعة [الإنسان] وجبلته، أن نفسه
لا تسمح بما عليه من الحقوق، فتؤديها كاملة موفرة، بل طبيعتها الكسل
والمنع لما عليهمن الحقوق المالية والبدنية، إلا من هداه الله وخرج
عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق.
{ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ }
أي: إن الإنسان على ما يعرف من نفسه من المنع والكند لشاهد بذلك،
لا يجحده ولا ينكره، لأن ذلك
ويحتمل أن الضمير عائد إلى الله تعالى أي: إن العبد لربه لكنود،
والله شهيد على ذلك، ففيه الوعيد، والتهديد الشديد، لمن هو
لربه كنود، بأن الله عليه شهيد.
أي: كثير الحب للمال.وحبه لذلك، هو الذي أوجب له ترك الحقوق
الواجبة عليه، قدم شهوة نفسه على حق ربه، وكل هذا لأنه قصر
نظره على هذهالدار، وغفل عن الآخرة، ولهذا قال حاثًا له على خوف
{ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ }
أي: أخرج الله الأموات من قبورهم، لحشرهم ونشورهم.
{ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ }
أي: ظهر وبان [ما فيها و] ما استتر في الصدور من كمائن الخير
والشر، فصار السر علانية،والباطن ظاهرًا، وبان على وجوه الخلق
{ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ }
أي مطلع على أعمالهم الظاهرة والباطنة، الخفية والجلية، ومجازيهم
عليها. وخص خبره بذلكاليوم، مع أنه خبير بهم في كل وقت، لأن المراد
بذلك، الجزاء بالأعمال الناشئ عن علم الله واطلاعه.