حكم إخراج الأضحية خارج البلاد
فضيلة الشيخ! بالنسبة للأضاحي بعض الجهات كهيئة الإغاثة
وغيرها، تقول: لدينا مثل القسائم تدفع مبلغاً من المال ونحن نؤدي
الأضحية في أي جهة من دول العالم الفقيرة، فهل تنصح بذلك،
أنا أنصح بعدم ذلك، وأقول: إن هذا من الخطأ أن الإنسان يوكل أحداً
يضحي عنه؛ لأن هذا فيه عدة محاظير:
أن شعيرة النسك في هذا البلد لا تتم إذا أعطينا دراهم يضحى بها
أن المقصود بالأضحية التعبد لله بذبحها، وهذا -أيضاً- يفوت إذا ذبحت
بمكان آخر، فهو لا يباشر الذبح ولا يحضره.
أن فيها تركاً لما أمر الله به من الأكل منها،
{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }
{ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ }
ومعلوم أنها إذا ذبحت في محل آخر فلا يستطيع الأكل منها.
أننا لا ندري من الذي يتولى الذبح ، قد يتولى الذبح من لا يحسن الذبح ،
أو من ليس من أهل الذبح، أو من يتهاون في الذبح بترك التسمية
أننا لا ندري -أيضاً- هل تذبح في وقتها، أو قبل الوقت، أو يتهاونون
فيحصل في ذلك هذه المحاذير وربما يحصل غيرها أيضاً. فالذي أنصح به
إخواننا المسلمين ألا يفعلوا ذلك، أي: ألا يعطوا هيئة الإغاثة ولا غيرها
شيئاً يشترون به ضحايا في محلات أخرى ويذبحونها.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم
قد بعث بالهدي من المدينة إلى مكة ؟
بلى، لكن الهدي خاص بمكة لا يمكن ذبحه في المدينة وهو هدي يهدى
إلى الكعبة، فليس مثل الذي يبعث بدراهمه إلى البوسنة والهرسك
والجهات الأخرى ليُضحى بها عنه.
فأنصح إخواننا المسلمين ألا يفعلوا ذلك، وأنصح طلبة العلم -أيضاً- أن
يبينوا للعامة ؛ لأن كثيراً من الناس يظنون أن الأضاحي ليس المقصود
منها إلا اللحم، وهذا خطأ،
{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى }
السائل: هل له أن يتصدق يا شيخ! بعد أن يكمل الأضحية يعني:
بعد أن يؤدي الأضحية يتصدق بمائة ريال، بمائة وخمسين،
هذا ليس فيه شيء، يعني: إذا كان يريد أن ينفع الجهة هذه يعطيهم
دراهم ويجعل الأضحية عنده في بلده اهـ
من(لقاء الباب المفتوح) شريط(88).
ما حكمُ توزيعِ العقيقة وإخراجِها خارجَ البلاد، مع العلم بعدم حاجة
أهلها لِلَحم هذه العقيقة، وباستطاعتهم أن يقيموا بدلاً عنها
واحدةً أخرى في نفس البلد؟
بالمناسبة لهذا السؤال أود أن أبين للإخوة الحاضرين والسامعين أنه ليس
المقصودُ من ذبح النسك سواءً كان عقيقةً أم هدياً أم أضحيةً اللحمَ
أو الانتفاعُ باللحم، فالانتفاع باللحم يأتي أمراً ثانوياً. المقصود بذلك هو:
أن يتقرب الإنسان إلى الله بالذبح، هذا أهم شيء، أما اللحم
{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ }
وإذا علمنا ذلك تبين لنا خطأ من يدفعون فلوسا ليُضَحَّى عنهم في مكان
آخر، أو يُعَقَّ عن أولادهم في مكانٍ آخر؛ لأنهم إذا فعلوا ذلك فاتهم المهم،
بل فاتهم الأهم من هذه النسيكة وهو التقرب إلى الله بالذبح، وأنت لا تدري
من يتولى ذبح هذه، قد يتولاه مَن لا يصلي، فلا تحل، أو قد يتولاه مَن
لا يسمي عليها، فلا تحل، أو قد يُعبث بها ولا يُشترى إلا شيئاً لا يُجزئ.
فمن الخطأ جداً أن تصرف الدراهم لشراء الأضاحي أو العقائق من مكان
آخر، نقول: اذبحها أنت، بيدك إن استطعت، أو بوكيلك، واشهَدْ ذبحها
حتى تشعر بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذبحها، وحتى تأكل منها؛
{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }
وقد أوجب كثير من العلماء على الإنسان أن يأكل من كل نسيكةٍ ذبحها
تقرباً إلى الله، كالهدايا، والعقائق وغيرها، فهل ستأكل منها وهي
وإذا كنت تريد أن تنفع إخوانك في مكان بعيد فابعث بالدراهم إليهم، ابعث
بالثياب إليهم، ابعث بالطعام إليهم، أما أن تنقل شعيرة من شعائر الإسلام
إلى بلاد أخرى فهذا لا شك أنه من الجهل.أنا أعتقد أن الذين يفعلون ذلك
لا يريدون إلا الخير؛ لكن ليس كل من أراد الخير يوفَّق له، ألَمْ تعلم أن
الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل رجلين في حاجة، فحضرت الصلاة
وليس معهما ماء، فتيمما وصليا، ثم وجدا الماء، فأحدهما توضأ وأعاد
الصلاة، والثاني لم يعد الصلاة،
والذي أعاد الصلاة كان يريد الخير، فشفَعَت له نيته هذه، وأُعْطِي أجراً
على عمله الذي كرَّرَه؛ لكنه خلاف السنة، ولهذا لو أن الإنسان أعاد
الصلاة بعد أن سمع بأن السنة عدم الإعادة لم يكن له أجر؛ لكن هذا كان
له أجر؛ لأنه كان لا يعلم أن السنة عدم الإعادة.
فالحاصل أنه ليس كل من أراد الخير يوفَّق له، وأنا أخبرك، وأرجو
أن تخبر من يبلُغُه خبرُك بأن هذا عمل خاطئ ليس بصواب.
نعم لو فُرِضَ أنه دار الأمر بين أن تَعُقَّ أو تُنْجِي أناساً من المجاعة
المهلكة وهم مسلمون، وأردت أن تأخذ دراهم العقيقة وترسلها لكنا نقول:
لعل هذا أفضل؛ لأن إنقاذ المسلمين من الهلاك أوجب من العقيقة؛ لكن
لا ترسل دراهم على أن تكون عقيقة
اهـ (لقاء الباب المفتوح) شريط(23).