ها هي قد طلت نفحات العشر الأُوَل من ذي الحجة :
هذه الأيام المباركة التي قال فيها
الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه:
( ما من أيام العمل الصالح أحبُّ إلى الله من عشر ذي الحجة.
قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهاد في سبيل الله،
إلا رجلٌ خرجَ بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء )
تربو أجورُ الأعمالِ الصالحةِ فيها على أجورِ المجاهدينَ المرابطين
يغفر الله فيها ذنوب من أَمَّ بيته حاجّاً فيعود كما ولدته أمُّه ذا صحيفة
بيضاءَ غير مدنسة برجز الخطايا..
فيها يومٌ لا يُرى ابليس في يومٍ غيرَه أخزى ولا أذلَّ منهُ فيه (يوم عرفة)..
أيامُ تكبير وتهليل وقربات.
أيامٌ خاب وخسر من أضاع ليلها :
في أمور دنيوية تافهة، وأمضى نهارها في أمور أدنى من تلك التي
أضاع ليله فيها هذه الأيامُ التي هن أفضل من عدتهنّ جهادا في سبيل الله
جل وعلا. أيامٌ حريٌ بنا أن نستغلها في طاعة الله ورضوانه، لا طاعة
هذه الأيامُ نفحاتُ ايمان هبت علينا،
وموسمُ جلاءٍ لصدأ القلوب أقبل إلينا.. نعم أيها الباحث عن سعادةِ
الدارين، هذه الأيامُ على قلّةِ تعدادِها، إلا أنَّ أجور أعمالها لا يمكنُ
تعدادُها؛ فالله يضاعف لمن يشاء..
اغتنم فراغك فيها، ولا تشغل نفسك بملاهيها سويعات وأيام قلائل،
نجلو بها ذنوبنا، ونداوي بها عيوبنا..
إن لك ربّا قد منَّ عليك لهذا الموسم بالبقاء، فلا تقابل منّه عليك بالجفاء..
بئست هي الدنيا التي سنبيع بها آخرتنا، وبئست هي الأمور التي
سنقدمها على اغتنام المواسم
هذه مواسم خيرٍ أقبلت إلينا فلنغتنمها،
لنحرص على ختم القرآن فيها،
ولنصمها، فإن لم نستطع فلا نُضع يوم التاسع منها؛ فإنه مكفّرٌ لذنوب
السنة الماضية والباقية ولنحرص على الإكثار من الدعاء فيه؛ فإنه يوم
ترجى فيه الإجابة، وما من يوم أكثر من أن يعتق فيه عبيدٌ من النار
من يوم عرفة ثم فلنحرص على الدعاء لإخواننا في مشارق الأرض
ومغاربها، ولنستشعر حالهم، وبؤسهم، وشقائهم، ولننظر، ولنتفكر فيما
يُنفق على أمور الدنيا من بذخٍ وترف، ثم لننظر مرة أخرى إلى من
يموتون جوعا وعطشاً ولنحرص على أن نختم أيام العشر بأضحية
نعظّم بها ذكر الله وشعائره، ونشكر نعمه وفضله، نوسّع على فقراء
المسلمين ومساكينهم وندخل الفرح والسرور عليهم في هذه
والله أسأل أن يتقبّل منا ومنكم صالح القول والعمل،